“ إهمال الدولة لبلدتنا معيب ”
هنا الجرح عميقٌ جدّاً، فهنا اندلعت الحرب بأبشع صورها، وهنا كان التهجير قاسياً، مذلاّ وموجعاً... لكن هنا أيضاً انتصرت إرادة الحياة على أحقاد الموت، وهنا تصافح الجبابرة وتمّت المصالحة... المصالحة التاريخية الإستثنائية. هنا بريح، هنا قلب الجبل الذي أبى إلاّ ان ينبض مجدداٌ منتفضاً على مرارة ساعة التخلي تلك ومتخطيّاً المشاهد السوداء من تاريخه. نعم هنا بريح التي وقف على أرضها فخامة الرئيس ميشال سليمان وزعيم المختارة وليد بك جنبلاط وسيّد بكركي وحامي الكنيسة المارونية اللبنانية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ليثبتّوا المصالحة ويكرسّوها في النفوس بعدما باركها من اعطي له مجد لبنان البطريرك مار نصرالله بطرس صفير.
هنا بريح العاتبة على أجهزة الدولة بسبب اهمالها الفاضح لهذه البلدة التي يلزمها عناية خاصّة ومركزّة لتقوم من جديد وتسير في مشوارها الإنمائي على غرار البلدات المجاورة. مع رئيس البلدية الأستاذ صبحي لحود نتوّقف للحديث عن ملف العودة وآخر المشاريع التي ينكبّ المجلس البلدي على الإعداد لها في ضوء تقاعس الوزارات والمؤسسات المعنية. في ما يلي أبرز ما دار في الحوار.
- ماذا تقولون عن بريح؟
إن بلدة بريح تمتدّ على منحدرٍ لذلك يتراوح إرتفاعها عن سطح البحر بين 550 و 1100 متراً، أمّا مساحتها فتبلغ 350 هكتاراً، وكما هو معلومٌ فإن هذه القرية هي مختلطة مسيحية ـ درزية بحيث أن عدد العائلات فيها يبلغ حوالي 27 عائلة، أكبرها لدى المسيحين لحود، خليل، حسون وشلهوب، فيما أكبر العائلات لدى الدروز هي علي، يحيي وعز الدين. قديماً عرفت البلدة في زراعة الأشجار المثمرة والفاكهة على أنواعها نظراً لتربتها الخصبة وكثرة ينابيعها بالإضافة إلى مناخها المعتدل، لكن للأسف غالبية الأراضي اليوم هي مهملة بفعل التهجير والأحداث التي حصلت ولغاية اللحظة لم يتم استصلاحها.
- ماذا عن العودة، هل تحققت كلّيا»؟
المصالحة تمّت بالفعل غير أن العودة لم تكتمل، إذ عاد قسمٌ قليلٌ من أبناء البلدة فيما العمل يستمرّ مع وزارة المهجرين لاستكمال العودة واغلاق هذا الملف الى غير رجعة.
- ما هي الصعوبات التي تواجه عملكم البلدي؟
نحن نواجه جميع أنواع الصعوبات، للأسف فرغم مهرجان المصالحة الكبير جدّاً الذي تمّ في العام 2014 برعاية فخامة رئيس الجمهورية ووليد بك جنبلاط والبطريرك مار بشارة بطرس الراعي، لم تلقَ هذه القرية الرعاية المطلوبة من الوزارات ومؤسسات الدولة المعنية. فالخدمات هنا هي في حكم الغائبة ونحن نستغرب جدّاً هذا المنطق في التعاطي، فهذه القرية ذاقت مرارة الحرب وقساوة التهجير وعانت كما لم تعانِ أي قرية أخرى وبالتالي لا بدّ من ان تكون أجهزة الدولة كافة حاضرة لرفع الغبن عنها، فمثلما كان التهجير هنا استثنائياً الإهتمام يجب أيضاً ان يكون استثنائياً.
- ماذا تتضمن لائحة مطالبكم؟
في العادة تكون إحتياجات القرية عاموديّة، بمعنى انها تسير وفق أولويّات محددة، فيما نحن لدينا مطالب أفقية بمعنى ان إحتياجاتنا جميعها تتساوى في الأهميّة، لدرجة أننا أصبحنا نشعر بالخجل عند الحديث عنها. فاليوم أقّل حقوقنا وأدنى مقومات العيش في بريح غير موجودة ولن اقول أكثر من ذلك.
- هل أنتم عاجزون إذن عن تحقيق إنجازات؟
نحن نعمل بكلّ طاقاتنا ومجهودنا من أجل إنماء البلدة وتحسين أوضاع أهلها، وقد تمكنّا من الشروع في تنفيذ بعض المشاريع مثل بناء جدران على طول 4 كلمترات بالإضافة إلى عمليّات تحسين وتزفيت طرقات. كذلك نجحنا في وضع مشروع الصرف الصحي الذي يتضمن محطة تكرير في الفوارة، على السكة الصحيحة عن طريق مجلس الإنماء والإعمار وهو اليوم في مرحلة إعداد الدراسات، كذلك نحن بصدد تنفيذ مشروع سياحي على نهر بريح وهو يكتسب أهميّة بالنظر إلى مستقبل البلدة، كما أننا بصدد بناء مركز للبلدية ومستوصفٍ ومكتبة إلى جانب ملاعب رياضية خاصة برياضة كرة المضرب وكرة السلة والميني فوتبول.
على خط موازٍ، نحن نعمل على إدخال المكننة إلى عملنا البلدي عبر الإستعانة بالتكنولوجيا الحديثة وقمنا بإطلاق موقع البلدية www.brih.info بالإضافة إلى صفحة خاصة على موقع Faceboookحتى يتمكن جميع الناس من مواكبة كافة النشاطات.
- كيف تعاملتم مع أزمة النفايات؟
لدى إستلامنا مهامنا البلديّة قمنا بإنشاء مركزٍ تقليدي لمعالجة النفايات، بحيث تبدأ عمليّة الفرز إعتباراً من المنازل، قبل أن نعيد الفرز في المعمل حيث يتم جمع الكرتون لبيعه والبلاستيك أيضاً، فيما يتمّ معالجة المواد العضوية لاستخدامات زراعية.
- ماذا عن المجلس البلدي؟
إن عدد أعضاء المجلس يبلغ 12، وهو مجلس متجانس نعمل مع أهل البلدة من أجل التغيير، فهذه العملية تحتاج إلى ادارة كما أن إرادة الناس هي العامل والحافز الأساسي لعملنا.
- ماذا الذي ميز صيف بريح هذا العام؟
في السنة الماضية جرى أوّل مهرجانٍ فني وكان ذلك الحدث هو الأول من نوعه منذ 40 سنة، وهذه السنة أيضاً أقمنا مهرجاناً في آب تضمّن ليلة قروية وأخرى فنيّة.
-هل تؤيدون اللامركزية الإدارية؟
إذا أردنا فعلاً أن نبني دولة حقيقية فلا بدّ من تطبيق اللامركزية، فحين تتوفر الصلاحيّات اللازمة تستطيع البلديات تلبية حاجات ومتطلبات منطقتا، فاللامركزية تؤدي حكماً إلى حصول إنماءٍ متوازنٍ يشمل كافة مناطق لبنان وليس مناطق على حساب اخرى