عقد اللقاء الاقتصادي الاغترابي برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري وحضور رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير ورئيس مجلس ادارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات نبيل عيتاني ورؤساء الغرف والهيئات الاقتصادية الاغترابية، في اطار اعمال مؤتمر الطاقة الاغترابية.
إستهل الاجتماع بكلمة للوزير خوري قال فيها: "أرحب بكم باسم وزارة الاقتصاد والتجارة، والفاعليات التجارية والصناعية في لبنان، راجيا أن يتكلل هذا اللقاء بالنجاح، ليعود بالفائدة والخير عليكم وعلى مشاريعكم ونشاطاتكم، وكذلك، بالطبع، على وطننا الحبيب لبنان".
أضاف: "تجتمعون اليوم في إطار سلسلة اللقاءات التي حملت اسم "مؤتمر الطاقة الإغترابية"، منذ أن أطلق معالي وزير الخارجية والمغتربين الأستاذ جبران باسيل هذه المبادرة المباركة عام 2014. وقد حقق مؤتمر الطاقة الاغترابية نجاحات مميزة عبر اللقاءات التي انعقدت منذ ذلك الحين، في أكثر من موقع من مواقع الانتشار اللبناني في العالم. إلا أن هذه المبادرة لقيت دفعا قويا إلى الأمام مع انتخاب فخامة الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، لأن فخامته كان على الدوام، في مختلف مراحل نضاله السياسي، مؤمنا إيمانا لا يتزعزع بضرورة توثيق الروابط بين اللبنانيين المقيمين وإخوانهم المنتشرين في بلدان الاغتراب، المساهمين في نهضتها وفي تقدمها وعمرانها. ولست بحاجة إلى التأكيد على أن فخامة رئيس الجمهورية وحكومة المصلحة الوطنية، رئيسا ووزراء، لا ينظرون إلى اللبناني غير المقيم من المنظار الاقتصادي والمالي فحسب، بل يعتقدون بأن كل لبناني مقيم في بلاد الانتشار هو طاقة لبلده لبنان، معنويا وسياسيا وثقافيا واقتصاديا".
وتابع خوري: "إننا نريد كل لبناني مغترب شريكا أصيلا في الوطن اللبناني، يساهم في تقرير مصيره وفي توجيه سياساته على الصعد كافة وفي الميادين كلها. من هنا، فإن أهم محاور النضال الوطني للرئيس ميشال عون، عبر تاريخه السياسي الطويل، هو تكريس حق المغترب اللبناني في الانتخاب وبأن يكون ممثلا في المجلس النيابي. فنحن لا نفرق في المسائل الوطنية بين لبناني مقيم ولبناني مغترب. هما سواسية في الواجبات والحقوق، خصوصا في حق المشاركة في الحياة العامة وتقرير الشؤون الوطنية الكبرى، أيا كان نوعها أو طبيعتها. انني أقر وأعترف بأن الدولة قد أهملتكم كلبنانيين مغتربين عبر السنوات الماضية. من حقكم علينا أن نعطيكم حقوقكم السياسية والانتخابية لكي تساهموا في القرار الوطني اللبناني. من حقكم علينا أن نقدم لكم الحوافز الاقتصادية والمالية لكي تستثمروا في اقتصاد بلدكم وفي مختلف القطاعات. من حقكم علينا أن نساعدكم في بلدان الاغتراب وأن ندافع عنكم وأن نعمل لتأمين مصالحكم عبر متابعة أموركم وحث الدول المضيفة على الاهتمام بكم. أيها اللبنانيون المغتربون، أنتم المناضلون الذين حققتم النجاحات في أصعب الظروف ووصلتم الى أعلى المراكز الاقتصادية والسياسية. أيها اللبنانيون المغتربون، أنتم مفخرة لبنان، أنتم لستم فقط شرايين لبنان التي تمده بالحياة، بل كل واحد منكم هو لبنان صغير في البلد المضيف. أيها اللبنانيون المغتربون اعطوا بلدكم ودولتكم فرصة أخرى لأنني أؤكد لكم أن دولتكم تحبكم وتريدكم، وهي بالرغم من تقصيرها في واجباتها تجاهكم فأنتم تحبون لبنان وترغبون في أن تلعبوا دورا فعالا في ورشة نهوضه الاقتصادي وورشة اصلاحه السياسي والاداري".
وقال: "ونحن عندما ندعوكم للمشاركة في الاستثمار في المشاريع اللبنانية، فإننا نفعل ذلك لإيماننا العميق بلبنان وباقتصاده، ولثقتنا التامة بمجالات الاستثمار المجزي والآمن في وطنكم لبنان. صحيح أن لبنان يعاني في الوقت الحاضر من تراجع معدلات النمو الاقتصادي، ولكن هذا التراجع هو ظاهرة مؤقتة لا تعطي صورة صحيحة عن حقيقة الاقتصاد اللبناني وإمكاناته. فمنذ خمس سنوات، على سبيل المثال لا الحصر، عرف لبنان نموا اقتصاديا بلغ 9%، وحقق فوائض قياسية في الحساب الجاري وميزان المدفوعات، في وقت كان العالم، ودوله الصناعية المتقدمة على وجه الخصوص، تعاني واحدة من أسوأ الأزمات المالية التي شهدها العالم منذ بدايات القرن العشرين".
واعتبر خوري أن "الكبوة الراهنة في الأداء الاقتصادي هي نتيجة طبيعية للنزاعات السياسية التي تميز الديمقراطية اللبنانية، ونتيجة الصراع الدموي المحموم في الشرق الأوسط، الذي مزق دوله وأسقط أنظمته القوية، وحول شعوبه إلى موجات متلاحقة من النازحين واللاجئين، أثقل بعضها كاهل لبنان واقتصاده".
وقال: "إلا أن الصورة التي يجب أن تبقى في أذهانكم هي أن لبنان، بالرغم مما تعرض له على مدى نصف قرن من التاريخ، استمر مستودعا آمنا للأموال والودائع، وحافظا لحقوق الملكية العقارية وغير العقارية، وحارسا لحرية تحويل العملات والرساميل ومتشبثا بنظامه النقدي والمصرفي، في إطار الحرية المنظمة التي يشرف عليها مصرف لبنان. انني على قناعة قوية وراسخة بأن الاستثمار حاليا في لبنان هو فرصة نادرة وتاريخية. أقول ذلك لأن لبنان يشهد نقطة تحول اقتصادية ايجابية والفضل الأساس في ذلك هو الوفاق السياسي الكبير بين معظم الكتل السياسية خصوصا بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء والارادة التي تجمعنا للعمل يدا بيد لتنمية الاقتصاد اللبناني وخلق فرص عمل للبنانيين".
وإذ اوضح خوري ان "من أهم عناوين النهوض الاقتصادي هو الاستثمار في البنى التحتية وتحفيز الصناعة والتجارة عبر استحداث مناطق اقتصادية حرة"، وقال: "في هذا الإطار إن موضوع اعادة اعمار سوريا هو أساسي ومحوري إذ ستكون للبنان واللبنانيين مقارنة بباقي الدول العربية حصة الأسد. كل ما تحدثنا عنه لا يصبح حقيقة الا بالشراكة بين القطاع العام والخاص من لبنانيين مقيمين ومغتربين وأجانب. وحتى لا يكون مؤتمركم الهام مجرد لقاء عابر، ومنبرا يتحدث فيه الخطباء على المنابر ثم ينصرفون، فقد وضعت وزارة الاقتصاد والتجارة بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين خارطة للتعاون الاقتصادي - الإغترابي، لتفعيل التواصل الاقتصادي بين مختلف الجاليات اللبنانية في بلدان الاغتراب ولبنان، من ضمن استراتيجية اقتصادية شاملة تضعها وزارة الاقتصاد والتجارة بالتعاون مع مختلف المكونات الاقتصادية".
وختم: "ونريد لهذه الخطة، المعززة بهيكليات محددة وتوزيع منطقي للأدوار، والمسلحة هذه المرة بآلية عمل فعالة، أن تكون خطوة أولى على طريق إنشاء تكتل اقتصادي يضم كافة الفعاليات الاقتصادية اللبنانية في لبنان وبلدان الاغتراب. ليكن مؤتمركم هذا خطوة أولى على طريق ترسيخ التعاون بين اللبنانيين المقيمين، واللبنانيين المغتربين وشركائهم في النشاطات الاجتماعية والأعمال. ليكن خطوة حقيقية على طريق انصهار لبنان المقيم بلبنان المغترب. وليكن، كما نصت خارطة التعاون المقدمة إليكم، أول الجسور الاقتصادية الفعالة بين المغتربين اللبنانيين في كافة أنحاء العالم و لبنان".
عيتاني
ثم تحدث رئيس مجلس ادارة مؤسسات تشجيع الاستثمارات فشرح دور هذه المؤسسة والمناخ الاستثماري في لبنان، داعيا المستثمرين اللبنانيين المنتشرين في العالم الى الاستثمار في لبنان "الذي هو الافضل حاليا".
شقير
ثم تحدث رئيس اتحاد الغرف اللبنانية فتوجه الى المغتربين بالقول: "نحن هنا نكبر بكم وبأعمالكم وبانجازاتكم التي تعم العالم في مختلف المجالات. واليوم وجودكم هنا في بلدكم الام، واستجابتكم لدعوة وزارة الخارجية والمغتربين، هو اكبر دليل على ان لبنان يعيش في وجدانكم وانكم على استعداد دائم للقيام بأي شيء خدمة لبلدكم".
وتابع: "اننا في اتحاد الغرف اللبنانية وغرفة بيروت وجبل لبنان، كنا دائما نعقد الرهان على قوة لبنان الاغترابية، وهذا ما حملناه في كل زياراتنا الى الخارج وهذا ما سعينا لأجله لربط كل الطاقات اللبنانية خدمة لوطننا وللشعب اللبناني بجناحيه المقيم والمغترب. وبالنسبة للمؤتمر الحدث اليوم، فإننا ايضا واكبنا التحضير له بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة الاقتصاد والتجارة للخروج بمشاريع ورؤى اقتصادية تكون محط اهتمام الجميع انطلاقا من جدواها ومردودها الكبيرين. وفي هذا الاطار، إن غرفة بيروت وجبل لبنان تحضر لاطلاق ناد للاعمال، الذي سيشكل منصة للشركات اللبنانية الكبيرة العاملة حول العالم للتعرف على بعضها، وعقد اجتماعاتها والقيام بكل الاتصالات واللقاءات التي تمكنها من تنمية اعمالها في لبنان او حول العالم. كما ان المشروع الذي عملنا عليه بشكل مكثف، هو انشاء غرف لبنانية اجنبية مشتركة في جميع دول الانتشار التي تبدي رغبتها في ذلك، على ان يتم انشاء وحدة في الغرفة لتجميع المعلومات وتمكين كل المنتسبين من الوصول اليها. ولا يخفى على أحد ان إنشاء هذه الوحدة ذات اهمية كبيرة خصوصا ان المعلومة اليوم باتت تشكل الركيزة الاساسية لاتخاذ القرارات الصائبة في موضوعي التجارة والاستثمار. كما انه من أبرز اهداف الغرف المشتركة تعزيز الروابط الاقتصادية بين لبنان والدول الاجنبية، وتسهيل اعمال الشركات اللبنانية في هذه الدول واعمال الشركات الاجنبية في لبنان ودول الانتشار. إذا نحن من خلال هذا المشروع الرائد نكون نعمل على خلق آلية جديدة لتنمية التجارة وتحفيز الاستثمار".
وخاطب شقير المغتربين :" بلدكم اليوم خطا خطوات مهمة على مستوى ترسيخ الاستقرار الامني والسياسي بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة الرئيس سعد الحريري، وهو يتحضر للانطلاق والنهوض، نعم، بلدكم الصغير بمساحته والكبير بشعبه، يختزن الكثير من الطاقات والامكانات، فهو يشكل مركزا اقتصاديا بارزا في المنطقة، وهنا ويمكنكم الاستفادة من هذه الخاصية لاعتماده مركزا لاعمالكم وتجارتكم باتجاه هذه المنطقة وابعد. كما اننا على المستوى الداخلي، نتحضر لاطلاق مجموعة من المشاريع الهامة والضخمة، ابرزها: اعادة تطوير البنى التحتية بعد اقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهذه المشاريع تقدر بلمليارات الدولارات، استخراج النفط والغاز الذي بات اطلاقه قريبا، اعادة اعمار سوريا والعراق، وسيكون للبنان دورا اساسيا في هذا العملية. ان هذه المشاريع وعلى اختلافها هي مفتوحة لكم، لانكم اصحاب الدار وانتم الاولى بالاستثمار الاستفادة من بلدكم".
وختم شقير: "لا بد لي من التأكيد ان لبنان عندما يتمكن من استيعاب كل اللبنانيين المقيمين والمغتربين، عندها يأخذ مكانته الرايدية في العالم".
خارطة تكامل
ثم جرت مناقشة عامة شارك فيها جميع الحاضرين وعلى اثرها تم التوقيع على خارطة التكامل الاقتصادي بين لبنان المقيم والمغترب التي وضعها وزيرا الخارجية والمغتربين جبران باسيل والاقتصاد والتجارة رائد خوري، هنا نصها:
"ان تعزيز العلاقات الاقتصادية بين لبنان المقيم والمغترب هي من اولويات الدبلوماسية اللبنانية ايمانا منها بأن النهوض الاقتصادي لا يمكن ان يتحقق دون اشراك القطاع العام والقطاع الخاص معا، عبر تشجيع غرف التجارة المشتركة في الاغتراب واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان على خلق نواة تعاون فيما بينها.
بالتالي وبناء على اعلان النوايا الذي وقع في مؤتمر الطاقة الاغترابية 2016 ومداولات المنتدى الاقتصادي في مؤتمر الطاقة 2017، تدعو وزارة الخارجية والمغتربين ووزارة الاقتصاد والتجارة، اتحاد الغرف في لبنان والغرف اللبنانية المشتركة او تجمعات رجال الاعمال الى الانضمام الى خارطة الطريق التي تهدف الى:
-إنشاء شبكة تعاون بين اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان وبين الغرف اللبنانية المشتركة او اية كيانات إقتصادية لبنانية بغية تعزيز الروابط فيما بينها عبر تبادل المعلومات والبيانات، تحفيز الاستثمار وخلق فرص متبادلة للتعاون التجاري.
-ايجاد السبل والاطر الكفيلة لتنفيذ هذه الاهداف والتي تتناسب مع القوانين المعمول بها في كل بلد.
-انشاء لجنة متابعة مؤلفة من وزارة الاقتصاد والتجارة (وزارة الوصاية) وزارة الخارجية والمغتربين واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة لتنفيذ ما ورد اعلاه وفقا للمصالح المشتركة.
-التأكيد على دور رؤساء البعثات السياسية والقنصلية في الخارج على ضرورة تأمين وتوفير كل الدعم اللازم لتنفيذ توجهات لجنة المتابعة عبر وزارة الخارجية والمغتربين".