التبويبات الأساسية

تحت عنوان: "عون ينسف تطمينات موازنة 2019: العين على التصنيف الائتماني"، كتب خضر حسّان في جريدة "المدن" الإلكترونية: اجتهدت أحزاب السلطة لإخراج نفسها من مأزق موازنة العام 2019. نفضت عن نفسها غبار الفشل، واستعدّت لإعلان أولى خطوات نجاحها في تسيير البلاد نحو الخروج من أزمتها، وذلك عبر إعلان السير في إعداد موازنة العام 2020. لكن ما لم تنتبه له تلك الأحزاب، هو أن الألغام السياسية والاقتصادية التي كانت تزرعها على مدى سنوات، لم تعد تنفع معها الحلول المجتزأة، ولا حتى إيهام الناس أن حلولاً سحرية قد تظهر فجأة.

كلام متسرّع
تحتاج البلاد في الوقت الراهن إلى الكثير من التطمينات، حتى وإن كانت خطاباً سياسياً لا يقترن بإجراءات ملموسة. وهذا ما ركّزت عليه كل القوى السياسية لحظة إقرار مجلس النواب لموازنة العام 2019. فتلك الموازنة، بغض النظر عن سلبياتها والملاحظات التي تسجل ضدها، إلا أنها الدليل الأبرز على اجتياز لبنان مرحلة الخطر، ونيته القيام بالإصلاحات المطلوبة التي تخوله الحصول على أموال مؤتمر سيدر.
مقابل الأجواء الإيجابية التي أشيعت غداة إقرار الموازنة، صوّب رئيس الجمهورية ميشال عون نيرانه على الهدوء الذي خلّفه إقرار الموازنة. فبعد ان حذّر يوم الخميس 1 آب "من مغبة ما يمكن أن تفرضه المؤسسات الدولية من إجراءات مالية قاسية، ما لم يتم تقديم تضحيات لإنقاذ البلد من أزمته الاقتصادية"، ارتفعت تكلفة التأمين على ديون لبنان السيادية إلى مستوى قياسي، يوم الجمعة 2 آب. وقد أظهرت بيانات "آي.إتش.إس ماركت" أن عقود مبادلة مخاطر الائتمان اللبنانية لخمس سنوات ارتفعت إلى 990 نقطة أساس، بزيادة 33 نقطة أساس عن إغلاق يوم الخميس 1 آب.

كلام عون قد يكون انطلق من نيّة إيجابية، تهدف إلى دفع القوى السياسية للعمل بجدية وركن الخلافات السياسية جانباً، لأن الخلافات وعرقلة أي إنجاز يمكن تحقيقه بفعل إقرار الموازنة والتحضير لموازنة 2020، سيؤدي إلى نتائج مالية سلبية ستفرضها المؤسسات الدولية. لكن فات عون أن للتصريحات انعكاسات فورية، خصوصاً تلك المتعلقة بالمالية، فكيف إن أتت التصريحات من رئيس الدولة؟ فالتذكير بالإجراءات المالية، تلفت النظر إلى أن خطباً ما يلوح في الأفق، وينفي ما أشيع عن مرحلة الهدوء المرتبطة بإقرار موازنة 2019. وهذا ما كان يجب على عون الإنتباه له.

انعكاس على التصنيف
ما قاله رئيس الجمهورية، ومع أنه يحمل صبغة سلبية، إلا أنه يوصّف الحالة الصحيحة لما تمر به البلاد. وما ارتفاع تكلفة التأمين على ديون لبنان السيادية سوى حلقة أولى في سلسلة النتائج السلبية لإدارة السلطة السياسية. والحلقات المتتالية لن تكون أفضل، لأن المؤشرات التي تبديها السلطة السياسية بعد إقرار موازنة 2019، غير كافية، وينعكس ذلك عبر موقف وكالة موديز للتصنيف الائتماني، والتي تعتبر أنه "على الرغم مما تضمنه مشروع ميزانية 2019 من إجراءات للضبط المالي، فإن تباطؤ التدفقات الرأسمالية وضعف نمو الودائع يعززان احتمال اتخاذ الحكومة إجراءات لإدارة الالتزامات"، وترى الوكالة بان هذا التوجه "قد يشكل تخلفاً عن السداد بموجب تعريفنا".

وموقف موديز يتكامل مع ما عبّرت عنه وكالة فيتش، التي لم تقنعها موازنة العام 2019، "فحتى لو تم تحقيق خطة الموازنة بالكامل لعام 2019، فإنها ستكون مجرد خطوة أولى نحو استقرار الدين الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي".

هذه النظرة السلبية لوكالات التصنيف، وما يقصده عون في كلامه، يُنذر بأن التصنيف الجديد الآتي خلال الشهر الحالي، لن يُثلج قلب الاقتصاد اللبناني، بل سيزيده توتراً، مع احتمال تخفيض التصنيف الذي يحمل حالياً معدل CAA1 مع نظرة "مستقرة". وفي حال تحقق ما تدل عليه المؤشرات السوداوية، فإن الإصلاحات الإضافية المنتظرة في موازنة العام 2020 ستُصاب بخيبة أمل، بعد أن تُعلَن رسمياً فشل إصلاحات موازنة 2019.

المصدر: خضر حسان - المدن

صورة editor14

editor14