تحت عنوان من مدرّسة إلى سارقة بهويّة مزوّرة، كتبت ربى منذر في صحيفة "الجمهورية": الوسيلة كانت سهلة: هويّة مزوّرة وامرأة جميلة، والضحايا بالعشرات. هي روان، مدرّسة اللغة الفرنسية التي تحوّلت بين ليلة وضحاها من مربّية الى عضوٍ في عصابة سرقة سيارات من المعارض بحجّة العوز، لتفتّح قضيتها العين على ملف تزوير الهويات وسهولة ارتكاب الجرائم من خلاله، وعلى مفهوم الحكومة الإلكترونية الذي قد يحمل في جعبته الحلّ، إلّا أنّ مصاعب عدة تحول دون تطبيقه.
"كانت ليلة سوداء"، تقولها روان بحرقة من خلف قضبان السجن، فيما إبناها موهومان بأنها مسافرة وتروي لـ"الجمهورية": القصة بدأت على "فيسبوك" حيث تعرّفتُ الى شابٍ من البقاع، لم أكن أعلم أنه على صلةٍ بسرقة السيارات لحين سألت أحدَ أصدقائي عنه وواجهته بالحقيقة، وبعدها استمرّت علاقتُنا لفترة حتى طلب مني في أحد الأيام تعريفه الى أيِّ فتاة يمكنها أن تساعده في هذه العمليات على أن يعطيها 2000 دولار على كل سيارة، يومها أغراني السعرُ نظراً لأحوالي المادّية التي كانت سيّئةً فعرضت عليه خدماتي، "وهيك فِتِت بهالنفق".
تكمل روان حديثها وعيناها مسمّرتان بالأرض، وكأنها لا تجرُؤ على النظر في عينَي أحد: كان يعطيني في كل عملية هويّةً مزوّرة جديدة، أرميها ما أن أنهي مهمتي، كانت العملياتُ سهلةً في البداية إذ كنت وجهاً ما زال جديداً وغيرَ مشكوك به، لحين بدأ يطلب مني أن أنام عند أصدقائي وأن أبتعد من منزلي، حتى جاء اليوم الذي كُشف فيه أمري.
اليوم روان في السجن، فالحسابُ يقع على الصغار فقط، فيما الرؤوسُ الكبيرة تبقى على عروشها، وتستبدل روان بغيرها، وغيرها بغيرها، شرط أن تبقى هذه الرؤوس في قصورها الخارجة عن سلطة الدولة.
القصة ليست هنا، فغيابُ العدالة هو من أحد سمات الوطن، لكنّ الحديث اليوم هو عن كيفية مكافحة تزوير الهويات.
من أكثر الجهات المعرَّضة للاحتيال عبر هذه التزويرات، هي مكاتب تأجير السيارات التي يسعى أصحابُها لحماية أعمالهم من السرقة في "هيدا البلد الفلتان"، على حدّ تعبير غالبيتهم.
يُجمع أصحابُ هذه المكاتب على أنهم تلوّعوا من الهويّات المزوّرة، ويقول أحدهم: "دخلت منذ فترة امرأةٌ محجّبة، لتوحي لنا بأنها مصدرُ ثقة، لاحظنا أنّ صورتَي الهويّة ورخصة السوق متطابقتان تماماً وهو قلّما يحصل، وأنّ رخصة السوق تخدم 10 سنوات فقط فيما يجب أن تخدم 25 سنة عادةً، فاعتذرنا عن تلبية طلبها، ليتبيّن لاحقاً أنها عنصرٌ في عصابة سرقة".
ويضيف: "أحد الأشخاص استأجر سيارةً دفع لنا مبلغ 700$ ايداع كتأمين عليها لحين نستردّها، ذهب الى منطقة الحمراء حيث كان قد أخبرنا أنه يعمل، وانتظر حتى منتصف الليل ليقصد البقاع، إذ غالباً ما نكون قد أقفلنا محلاتنا ولم نعد نتتبّع جهازَ نظام التموضع العالمي"، وقد باع السيارة بمبلغ 2000$ ليشتري المخدّرات، لذلك فإنّ المبالغ الموضوعة كإيداعات يجب أن لا تغري أصحاب المكاتب مهما تضخّمت".
ويقول صاحب المكتب: "تركيزُنا في شكلٍ كبير على السيارات الصغيرة، فهي إذا سُرقت تُباع بمبالغ زهيدة وهو ما لا يشجّع على سرقتها، كما أنه لا حاجة لها في الجرود، أما السيارات الكبيرة فلا نؤجّرها إلّا لأشخاص موثوق بهم"، كاشفاً "أننا نتواصل أحياناً مع الجهات الأمنية للاستفسار عن أيِّ زبون نشكّك بأمره".
من جهته، يقول ايلي وهو صاحب أحد هذه المكاتب إنّ "مرحلة التدقيق في المستندات هي الأهم، لأنّ السيارة ما أن تدخل بريتال، نعتبر أنها لن تعود»، ويكمل: «يعمد بعض مستأجري السيارات الى تخريب نظام التموضع العالمي (GPS) الذي نضعه في السيارات، فتسهل سرقتُها".
ويتابع: "نبتكر أساليب عدة لتفادي هذه العمليات إلّا أنّ السارقين محترفون وليس من السهل الإيقاع بهم»، ويضيف: "بتنا من أشكالهم نعرفهم، فباستطاعتنا قراءة الأشخاص وظروفهم بعد خبرتنا في العمل، وهو ما يجنّبنا أحياناً الوقوعَ في الفخ".
(ربى منذر - الجمهورية)