مجدداً تعود شركات مقدمي الخدمات في الكهرباء الثلاث الى طاولة المفاوضات مع ادارة المؤسسة ووزارة الطاقة مع اقتراب موعد انتهاء عقود التمديد في 29/12 / 2016.
تمديد ام تجديد ؟ وهل يستطيع الطرفان ابرام اي عقد بدون العودة الى مجلس الوزراء؟
في المعلومات المتوافرة، ان ديوان المحاسبة اعطى رأيه بشرعية تمديد او تجديد العقود مع الشركات ، خصوصاً ان هناك مجموعة اشغال ومشاريع استثمارية من ضمنها تركيب العدادات الذكية على الشبكة لم تتمكن الشركات من انجازه في الفترة التي اعطيت لها في العقد لاسباب مختلفة.
كما ان هناك خدمات مترابطة ببعضها البعض ومرحلة تركيب العدادات تحتاج للتنفيذ في اقله فترة 3سنوات.اذا التجديد او التمديد سيكون بهدف تأمين استمرارية المرفق العام بالشروط الإدارية والفنية والمالية نفسها للعقد الحالي. وهذا كان حال كل مرة كان يمدّد فيها عقد الشركات الثلاث.
وفي غضون ذلك، يبدو ان قضية تركيب العدادات الذي هو جزء من الشبكة الذكية للكهرباء ما تزال عالقة لدى مؤسسة كهرباء لبنان التي لم تبدي لغاية اليوم ثقتها بفعالية هذا النوع من العدادات مما حمل الشركات الى البحث عن مختبرات عالمية مخولّة لإعطاء شهادة مواصفات ، وذلك ضمن آلية واضحة لهذا المشروع الاستراتيجي الذي يعتبر بند اساسي في عقد الكهرباء مع القطاع الخاص.
واذا كان تجديد العقد حتميا مع شركة "BUS" الملتزمة منطقة شمال بيروت الإدارية، طبقا لتقارير الدوائر ولجنة إدارة المشروع والاستشاري، التي لحظت تحقيق الشركة المذكورة نتائج إيجابية، إضافة إلى تعهدها وتصميمها في الوصول إلى أهداف المشروع من خلال التزامها تنفيذ كل الأشغال، فإن التفاوض مع الشركتين الباقيتين اي "KVA" المملوكة من شركتي "خطيب وعلمي" و "الشركة العربية للإنشاءات"، والملتزمة منطقة بيروت الإدارية والبقاع، وشركة "NEUC" التابعة لمجموعة "دباس" الملتزمة منطقة جنوب بيروت الإدارية سيأخذ مجراه في كثير من النقاط العالقة لاسيما منها مسألة تخفيض الاسعار في ضوء التضخم الحاصل طيلة فترة السنوات الاربع الاخيرة وبعد تراجع اسعار بعض المواد مثل النحاس وغيرها ، الى جانب التعويضات المستحقة والمطالبات، فضلا عن آلية احتساب مؤشرات الاداء.اي بمعنى آخر ، فان البحث سيتطرق الى الامور الفنية والمالية التي انعكست سلباً على ادائهما، الى جانب موضوع الاضرابات والاعتصامات التي شلت الاعمال لايام عدة في كل مرافق المؤسسة مما حال دون امكانية انجاز الاشغال في المهل المحددة في العقد.
وفي المعلومات ايضا المتوافرة "للاقتصاد" ان شركة "BUS" ستوافق على إبقاء الاسعار على حالها رغم التحسن الكبير الذي انجزته في مجال خدمات الكهرباء.
يذكر هنا ان مشروع مقدمي الخدمات هو إحد الخطوات التنفيذية للورقة السياسية لإصلاح قطاع الكهرباء التي وضعها وزير الخارجية جبران باسيل عنما كان يتولى وزارة الطاقة . وقد أقرّت بتاريخ 21/6/2010. وتم تقديم المشروع على أنّه الحل الوحيد المتاح لإصلاح قطاع التوزيع في الكهرباء.
كما ان قيمة العقود مع الشركات بلغت 785 مليوناً و462 ألفاً و727 دولار.
وفازت الشركات بعقود رضائية باهظة كما وصفها البعض من المراقبين وهي على 4 سنوات، وذلك بناءً على التقويم الذي أجرته شركة "NEEDS" نفسها للعروض الفنية والمالية. وقد وضعت يومها هذه الشركة الاستشارية توقعات "مغرية" لجدوى المشروع وأهلية الشركات الملتزمة، منها زيادة الجباية بقيمة تصل إلى 303 ملايين دولار وزيادة الأصول بقيمة 380 مليون دولار، أي ما مجموعه 683 مليون دولار، ما أوحى أن كلفة العقود مع الشركات المذكورة مبررة وتنطوي على منافع جمّة، أبرزها ضبط الهدر الفني والحد من سرقة التيار الكهربائي وتركيب "العدادات الذكية"، وهو الجزء الذي مثل دور "جوهرة" المشروع. وكان لافتا ً انه منذ انطلاق المشروع، كانت الشكوى عارمة من أداء الاستشاري.
اما العقد مع الشركات فيتضمن رزمة من الاشغال هي التالية: التعبئة والتجهيز، مسح الشبكة، الدراسات والتخطيط، الإنشاءات، الصيانة والتشغيل، قراءة العدّادات والجباية، خدمة الزبائن، نزع التعديات والعدّادات الذكية.
وهنا يشار الى ان أن مشروع العدادات الذكية "AMI" هو ابرز المشاريع المتطورة في شبكة توزيع الكهرباء ، ولا يزال في طور التجارب في عدد من الدول ومنها الأوروبية. وقد طلبت مؤسسة الكهرباء من الشركة الاستشارية السويسرية AF Consult الاطلاع على كل التقارير والخطوات التي اتخذت من المؤسسة والاستشاري والشركات الثلاث في مجال التجارب والمشاريع الريادية التجريبية (Pilot Project) وابداء رأيها بكل تجرّد. من جهتها،وافقت الشركة على اجراء المشاريع الريادية التجريبيّة، كما أوصت بإجراء المزيد من التجارب لبعض العدّادات الذكية للتأكد منمطابقتها للشروط الفنية.
في نهاية المطاف، بغض النظر عن مدى رضى مؤسسة كهرباء لبنان على اداء الشركات ، وايضا ً من الاختلاف القائم داخل المؤسسة حول اهمية وجود هذه الشركات اليوم في قطاع التوزيع ، فان التمديد للعقود معها لا مفر منه سيما وان اي مستثمر جديد في هذا المرفق سيكون بمثابة مقامر لانه مرفق خاسر في ظل التجاذبات السياسية وعمليات المحاصصة ، وهو بالتالي يكبد الدولة والخزينة الاكلاف اليومية.
وهنا لا يمكن اغفال انه سيكون هناك ارتفاع للفاتورة النفطية على مؤسسة كهرباء لبنان في 2017 والذي يعني أنّ دعم الدولة سيزيد إلى حدود الـ 1.5 مليار دولار أميركي سنوياً بعدما إنخفض من مليارَي دولار أميركي في العام 2013 إلى مليار في العام 2015.
وبالتالي فإنّ عجز الموازنة الناتج عن هذا الدعم سيكون بقيمة 500 مليون دولار أميركي إذا تم اعتبار أنّ أسعار النفط لن تتخطّى الـ 70 دولاراً أميركياً للبرميل الواحد.
من هنا فإن اشراك القطاع الخاص في هذا المرفق اصبح منفذاً خصوصا اذا تكللت هذه الشراكة بالشفافية