دشنت قوى الأمن الداخلي اليوم رسميا فصيلتين نموذجيتين جديدتين في سرية بيروت الإقليمية الأولى، هما فصيلتا الروشة والرملة البيضاء إلى جانب قيادة السرية الأولى في مبنى نموذجي معاصر وبمعايير دولية.
ويأتي هذا الإنجاز تتويجاً لآخر الجهود التي تبذلها قوى الأمن الداخلي من أجل توفير خدمة شرطية رائدة تساهم في تعزيز الثقة، ودعم احترام حقوق الإنسان وصون الحريات، والمحافظة على الأمن والنظام، ومكافحة الجريمة بفعالية بالشراكة مع المجتمع.
نظم في هذه المناسبة حفل افتتاحي في اليونسكو، حضره المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والسفير البريطاني في لبنان كريس رامبلنغ، وكبار ضباط قوى الأمن الداخلي وهيئات دبلوماسية وفعاليات محلية.
في هذه المناسبة، تناول المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الكلمة، ليشكر "الشركاء الدوليين وبخاصة المملكة المتحدة، على الدعم المستمر والمتواصل لمكونات الدولة اللبنانية الأساسية، ومنها قوى الأمن الداخل".
وأضاف إن "فكرة الشرطة المجتمعية أتت لتحقيق وسيلتين أساسيتين لمحاربة الجريمة. الوسيلة الأولى تأتي عبر تجهيز المؤسسات الأمنية المعنية بما يلزم من معدات وتقنيات من شأنها كشف المجرمين والمساعدة على توقيفهم. والوسيلة الثانية تقوم على توطيد التعاون بين قوى الأمن الداخلي والمجتمع عموماً".
وأردف: "إنّ قرارنا القاضي باعتماد الشرطة المجتمعية كعمل نموذجي مستقبلي لقوى الأمن الداخلي يهدف إلى زيادة الوعي الأمني لدى الناس وتعزيز الثقة والاحترام المتبادل واعتماد الصدقية في التعاون لتصبح ثقافة ينتهجها اللبنانيون وليس لغايات شخصية أو لمصلحة آنية".
وأضاف اللواء عثمان: "من خلال الشراكة بين مؤسسة قوى الأمن الداخلي والمجتمع المحلي، يمكن الحصول على المعلومات التي تفيد في الكشف عن الجرائم وتوقيف مرتكبيها.وهكذا نستطيع معا تحقيق الأمن والعدالة للجميع".
رامبلنغ
وأمّا السفير البريطاني كريس رامبلنغ، فأثنى على "المثابرة والتفاني الظاهرين في أداء عناصر قوى الأمن الداخلي، رجالا ونساء، حيث تبنوا التغييرات المعتمدة من أجل التحول إلى نموذج معاصر للعمل الشرطي". وأضاف: "يتجلى ذلك في تعزيز المحاسبة تجاه الشراكات المجتمعية ورفع مستوى المهنية في التطويع والتدريب، فضلا عن اعتماد آليات محسنة للتبليغ عن الجرائم".
كذلك، أشار إلى أنّ فصيلة رأس بيروت التي أعيد تأهيلها وتجهيزها كانت الفصيلة النموذجية الأولى التي يطبق فيها نموذج التعاون مع المجتمع، وكانت في الواقع الفصيلة الوحيدة في لبنان التي تضم ضباط تحقيق من النساء".
وتابع: "سنواصل العمل مع شركائنا على دعم خطط مؤسسة قوى الأمن الداخلي وإصلاحاتها من خلال توفير الدعم للمشاريع المحددة ضمن الخطة الاستراتيجية، التي تشمل ضمن مكوناتها الأساسية تعميم تطبيق نموذج الشرطة المجتمعية".
وشدد مدير البرنامج البريطاني جوناثان ماك أيفر من جهته، على أنَّ "تدشين الفصيلتين، ومقر قيادة سرية بيروت الإقليمية الأولى جاء ليتوج 15 شهرا من العمل المجتهد والجدي، ولكنَّه ليس أكثر من جزء واحد من مفهوم متكامل للعمل الشرطي".
وأضاف: "ما يكتسب أهمية متساوية هو الإجراءات والنظم وآليات العمل المتجددة والممكننة، واختيار العناصر المناسبة والكفوءة وتدريبها، رجالا ونساء، في ظل قيادة فعالة". وتابع: "إنَّ مفهوم العمل الشرطي الحديث يقوم على المعلومات والاستقصاءات، والعمل الوقائي والاستباقي، والتعاون والتواصل مع المجتمع، وكل ذلك يتطلب تحليلا فعالا للبيانات والجرائم في ما يتخطى قدرة الفصائل الفردية. كذلك فإنَّ الدعم الذي يوفره المشروع البريطاني من أجل اعتماد المكننة عبر كافة فصائل شرطة بيروت يكتسب أيض أهمية حيوية لنجاح هذا المشروع".
افتتاح المبنى
بعد ذلك، انتقل اللواء عثمان والسفير البريطاني برفقة حشد من الفعاليات المشاركة إلى افتتاح المبنى النموذجي قبل القيام بجولة داخل أقسامه يرافقهم العقيد جوني داغر، قائد سرية بيروت الإقليمية الأولى.
وانطلقت عملية تأهيل المبنى النموذجي الجديد في آب 2017، بتمويلٍ من الحكومة البريطانية في إطار تنفيذ المشروع البريطاني لدعم قوى الأمن الداخلي، الذي يعكس التزام المملكة المتحدة الطويل الأمد بدعم قوى الأمن الداخلي.
وجاءت عملية التأهيل شاملة لإصلاحات هيكلية وجذرية على المستويات كافة. وكان بدأ العمل أولا على مستوى المبنى حيث أعيدت هندسته الخارجية والداخلية لكي يصبح ملائما للعمل الشرطي الحديث ومراعيا لحقوق الإنسان ومستوفيا لمعايير الأمن والسلامة العالمية.
في موازاة ذلك، أعيدت بلورة آليات العمل بمختلف أبعادها انطلاقا من مفهوم التعاون والتواصل مع أبناء المجتمع لتوفير خدمةٍ تلبي الاحتياجات المحلية في شكل سريع وفعال واستباقي في بعض الأحيان.
وتجسد ذلك في أشكالٍ متعدِّدة، منها الدوريات المتخصِّصة كالدوريات الراجلة والدوريات على الدراجات الهوائية، وأنظمة الخدمة الفعالة واللباس المريح والمتميز والمعدات والتجهيزات العصرية ومكننة آليات العمل والمقاربات المنفتحة على الحوار مع المجتمع والإصغاء إلى همومه ومشاكله.
وتواكب كل ذلك بطبيعة الحال مع تركيزٍ خاص على العناصر الذين تمَّ اختيارهم على أساس الجدارة ومعايير الكفاية والمهنية، وتزويدهم بدورات تدريبية مكثفة ومتخصِّصة حرصا على تمتعهم بالمهارات والسلوكيات المطلوبة لأداء الخدمة بثقة واحترام.
وسيترافق هذا المشروع مع اعتماد استراتيجية للتواصل مع المجتمع، تتضمن من جملة أمور أخرى تعريف المواطنين على النموذج الجديد، وعقد لقاءات مع لجان التجار والجمعيات للتعرف إلى مشاكلهم والمساعدة في حلها، وتنظيم محاضرات إرشادية لطلاب المدارس والجامعات عن سبل الوقاية الأمنية وسبل التصرف في حال مشاهدة جريمة.
يذكَر أنَّ مشروع تعميم الخدمة الشرطية المبنية على التعاون مع المجتمع كان انطلق عام 2014 مع افتتاح مشروع مركز الشرطة النموذجي في فصيلة رأس بيروت، وتواصل مع افتتاح فصيلة الأشرفية في 2018.
ويرتكز النموذج على مبدأ اضطلاع الشرطة بدور ناشط وإيجابي ضمن المجتمع لكسب تعاونه وثقته في المقابل.
الخلفية
وواصلت قوى الأمن الداخلي على مدى السنوات العشر الماضية، العمل مع شركائها المحليين والدوليين لتعطيل المخططات الإرهابية بنجاح وتعزيز قدراتها في مكافحة الجريمة من خلال تحسين إدارتها لموقع الجريمة والأدلة الجنائية.
كما واعتمدت تدابير مختلفة لدعم احترام حقوق الإنسان ومعالجة احتياجات المجتمع. وكجزء من التزامها الراسخ تجاه المواطنين اللبنانيين، تعمل قوى الأمن الداخلي الآن على تطبيق خطتها الاستراتيجية الخمسية (2018-2022) القائمة على مسارين مؤسَّسيَّين اثنين هما التحول من قوة شرطية إلى خدمة شرطية تحترم حقوق الأفراد وتستجيب لهموم المجتمع؛ والانتقال من تقنيات العمل الشرطي التقليدي إلى العمل الشرطي المعاصر. وإنَّ افتتاح الفصيلتين النموذجيَّتين وقيادة السرية الإقليمية الأولى اليوم ما هو الا دليل على التزام قوى الأمن الداخلي خطتها الاستراتيجية، فهو يترجم على أرض الواقع أهداف الخطة الاستراتيجية الأربعة مجتمعة - تعزيز الأمن والأمان والاستقرار؛ تفعيل الشراكة مع المجتمع؛ حماية حقوق الإنسان وتفعيل المحاسبة؛ رفع مستوى الكفاية والمهنية والفعالية المؤسَّسية - ويتجه بها نحو تحقيق رؤيتها للسنوات الخمس المقبلة - "معا نحو مجتمع أكثر أماناً".