دعا الأمين العام ل"الحزب الشيوعي اللبناني" حنا غريب الى "ان يكون الأول من أيار منصة لتصعيد الحراك الشعبي في الشارع، وصولا الى ذروته في الخامس عشر من ايار الحالي، والى استكمال المواجهة المفتوحة ضد حيتان المال وسلطتهم السياسية الحاكمة والى تصعيد المواجهة ضد الخطاب الطائفي والمذهبي الهادف الى تقسيم اللبنانيين".
كلام غريب جاء في كلمة ألقاها في ساحة رياض الصلح، احتفالا بالأول من أيار، عيد العمال العالمي، بعد مظاهرة انطلقت من أمام مقر الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان - ساحة الشهيد جورج حاوي - وطى المصيطبة، حيث سلكت كورنيش المزرعة ومار الياس وصولا الى رياض الصلح، حمل فيها المشاركون أعلام الحزب الشيوعي والأعلام اللبنانية، وشارك فيها الى الحزب الشيوعي، نقابيون وفنانون ومثقفون وحشد من العمال.
عبدالله
ولدى وصول التظاهرة الى ساحة رياض الصلح، علا النشيد الوطني، ثم نشيد الحزب الشيوعي، فكلمة لرئيس الإتحاد الوطني كاسترو عبدالله قال فيها: "إن الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، يهنئكم بهذا العيد، يجدد لكم تأكيده الحازم على العمل معكم من أجل الدفاع عن حقوق ومصالح جميع العمال والعمل معكم على تصحيح الاجور، رفع الحد الادنى وسعيه من أجل تعميم الحماية الاجتماعية، تعديل قانون العمل، حماية الضمان الاجتماعي، إقرار قانون ضمان الشيخوخة، إسقاط القانون التهجيري الأسود للايجارات وإيجاد سياسة إسكانية متكاملة".
أضاف: "يطل علينا عيد العمال العالمي هذا العام، حاملا معه المزيد من المآسي والأزمات التي تجعل الفرح والأمل بحياة كريمة بعيدين عن متناول الطبقات الكادحة، وبالتحديد الطبقة العاملة، فالنظام السياسي الطائفي والمذهبي، وتحالف أصحاب المصارف والشركات المالية وكل المحتكرين والتجار أبوا، كالمعتاد، إلا أن ينغصوا علينا فرحة هذا العيد".
أضاف: "هذه الطغمة المالية الفاسدة المتمثلة بأمراء الطوائف والمذاهب الفاسدين والمفسدين تضغط علينا وتحاول فرض استسلامنا لمشيئتها. تتآمر على حق العمال والمستخدمين بضمان صحي واجتماعي، وتقاعد وضمان شيخوخة لائقين، فتسعى لضرب الضمان الاجتماعي وتعمل على إفلاسه وإلغائه، من خلال سحب براءة الذمة لصالح عديمي الذمة، ولصالح شركات التأمين الخاصة المملوكة من المحتكرين والشركات المحمية والمدعومة. هذه السلطة تتآمر أيضا على الموظفين في القطاع العام، فتحرمهم من أبسط حقوقهم في سلسلة الرتب والرواتب والموظفين في القطاع الخاص من تصحيح أجورهم، وجميع اللبنانيين من التغطية الصحية الشاملة. وتتخلى عن دورها في تأمين الحد الأدنى من مقومات العيش اللائق المتمثلة بالخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وسكن وتعليم وصحة وبيئة نظيفة لصالح المافيات وحيتان المال".
واردف: "هذه السلطة، التي لم تتوقف عن ضرب الأمن الصحي والغذائي للمواطنين الفقراء، تنفيذا لاملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين، ضربت كافة القطاعات الإنتاجية وأفلستها، وشرعت أبواب الفساد والسرقات وهدر المال العام. فهي، بكل ألوانها ومكوناتها، لا هم لها سوى كيفية توزيع الحصص وتقاسم المغانم والصفقات، بدءا من مطامر النفايات، إلى الاتصالات والميكانيك، والأملاك العامة البحرية والنهرية والبرية، وصولا إلى النفط والغاز ورائحة فسادهم تطول وتطول".
وأكد عبدالله انه "لم يعد جائزا السكوت عن تلك الجرائم التي نذهب ضحيتها، نحن وأبناؤنا، لم يعد مقبولا السماح للمجرمين أن يستثمروا تضحياتنا، فنحن بناة الوطن الحقيقيين والمدافعين عن أرضه والمقاومين لكل عدوان تعرض له، لم يعد مقبولا أن يموت أطفالنا على أبواب المستشفيات أو يهاجر أبناؤنا سعيا وراء مستقبل واعد لنجعل من هذا العيد مناسبة نجدد فيها التزامنا قضايا الفقراء والعمال وذوي الدخل المحدود، في مواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تلقي بظلالها على الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وكل ذوي الدخل المحدود، ونجدد التزامنا قضايا التحرير من رجس الاحتلال الاسرائيلي واعتداءاته ومن الإرهاب التكفيري والتغيير الديمقراطي من خلال اعتماد قانون انتخابي عادل على أساس النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة، وخارج القيد الطائفي".
وتوجه الى "حيتان الريوع المالية والعقارية"، قائلا: "إن سياساتكم واحتكاراتكم وسرقتكم للمال العام، وإعفاء شركاتكم ومصارفكم من الضرائب وفرضها على الفقراء أوصل البلاد الى حافة الفقر والبطالة وهجرة الشباب، وهي السبب في تهجير أكثر من 180 ألف مواطن من المستأجرين القدامى من منازلهم لصالح الشركات العقارية والمصارف. وسياساتكم هذه سمحت بتفشي ظاهرة الصرف الكيفي والتعسفي للعمال اللبنانيين واستبدالهم بآخرين أجانب ومن النازحين السوريين الذين تستغلونهم بأبشع الطرق، سياستكم هذه وصلت إلى حد الصرف للمتعاقدين في القطاع العام والوزارات، سياساتكم هذه سبب أساسي في تفشي العنصرية والجريمة والسرقات والمخدرات وتوجه بعض الشباب نحو الارهاب التكفيري.
يدا بيد لنجعل من الأول من أيار مناسبة لإطلاق حملة وطنية وعمالية تضع حدا لسياسات وممارسات الاحتكارات والمافيات، يدا بيد للعمل على فرض تدابير لإنهاء الفلتان والتسيب، والحد من التضخم والغلاء، وتعزيز الرقابة على مؤسسات الدولة ووقف الهدر ونهب المال العام.
ولنجعل من هذا اليوم منطلقا من أجل تعزيز الحركة النقابية المستقلة والديموقراطية وتوسيع صفوفها، من أجل النضال لفرض التصديق على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحرية العمل النقابي وحق التنظيم والمفاوضة الجماعية في القطاعين العام والخاص ولا سيما الاتفاقيات 87 و189 وغيرها".
وختم عبدالله: "لنعمل معا على بناء حركة نقابية ديموقراطية مستقلة وممثلة، تضم في صفوفها جميع العاملات والعمال والموظفين والمتعاقدين بأجر في القطاعين العام والخاص، حركة قادرة على تأمين شروط الضغط من أجل إقرار عقد اجتماعي جديد نشارك جميعا في إعداده وتطبيقه ومراقبة تنفيذه، عقد أصبح ضرورة وطنية يتيح بناء دولة عصرية وعادلة مستقرة تقوم على قيم حقوق الإنسان والعدالة والمساواة خارج الانقسامات الطائفية والمذهبية والرهانات الخارجية، وتضمن مستقبلا زاهرا لأولادنا بعيدا عن الهجرة والاقتتال الداخلي".
غريب
وتحدث غريب فقال: "تظاهرتنا اليوم في الأول من أيار، تظاهرة للاحتفال بعيد العمال العالمي، هو يوم اممي للاحتفال بالارث الانساني الذي حملته وستظل تحمله الطبقة العاملة العالمية، هو يوم للنضال من اجل مستقبل البشرية وتقدمها وتحسين شروط العمل والحياة للجميع، يوم العهد والوفاء للذين كتبوا بدمائهم وتضحياتهم ولادة هذا العيد في شيكاغو عام 1886، وحتى يومنا هذا، فتحية الى شهداء هذا العيد، الى شهداء الطبقة العاملة اللبنانية وحركتها النقابية، الى الذين سقطوا في ساحات الشرف والبطولة في تظاهرات الحركة الطلابية والريجي ومعمل الغندور ومزارعي التبغ وصيادي الاسماك".
أضاف: "تحية الى شهداء المقاومة اللبنانية الوطنية والإسلامية الذين سقطوا ضد الاحتلال الاسرائيلي وعداوانيته، الى قادة الحركة النقابية اللبنانية، قادة هذا الحزب في ساحات المواجهة، الى كل هذا التاريخ المجيد نقدم عهدا لهم من حزب الطبقة العاملة، الحزب الشيوعي اللبناني على متابعة المسيرة من اجل وطن حر وشعب سعيد، والتحية اليوم الى احمد سعدات ومروان البرغوثي والى جورج إبراهيم عبدالله والى جميع الأسرى الفلسطينيين في معركة الأمعاء الخاوية، كي تبقى فلسطين القضية المركزية ويبقى الصراع العربي - الإسرائيلي هو الأساس.
والتحية لكم أيها القابضون على جمر المواجهة، المتمسكون بخيار التغيير الديموقراطي، اليكم أنتم ايتها الرفيقات والرفاق والاصدقاء والقوى والشخصيات المشاركة الذين لبيتم نداء عيد العمال فملأتم شوارع بيروت وساحاتها، والى اللبنانيين جميعا نتوجه اليوم في الأول من أيار كشعب مهدد في حاضره ومستقبله، ويراد له ان يبقى في حال من العوز والفقر والجوع، واسير الخوف والقلق، ورهينة المصالح الوضيعة التي لا تقيم وزنا لأحلامكم في الحصول على الحق بالعمل والسكن والنقل العام والرواتب والاجور وتأمين التعليم النوعي والمياه والكهرباء والبيئة النظيفة والطبابة والاستشفاء".
وأردف: "اليكم نتوجه لنقول لكم، ولبنان يعيش ازمة نظامه السياسي الطائفي المتفاقمة والمتمثلة في فشل دولته وسلطته الحاكمة في معالجة اية مشكلة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تهم اللبنانيين:
لم يعالجوا اية مشكلة من مشاكلكم ومن مشاكل العمال والنساء والشباب وأصحاب الدخل المحدود: لا في ملف السلسلة للأساتذة والمعلمين والموظفين والمتقاعدين، ولا في النفايات ولا في الموازنة وقطع الحساب، ولا في ملفات السائقين والمتعاقدين والمياومين وجباة الأكراء وكذلك مزارعي التفاح وموظفي مستشفى بيروت الحكومي وملف حماية الصناعة الوطنية والإنتاج الزراعي وحماية اليد العاملة اللبنانية والضمان الاجتماعي، بل بالعكس، ضربوا حقوق المستأجرين وصغار المالكين، وسعوا احتلالهم للأملاك البحرية، استخدموا السلسلة شماعة لرفع الأسعار وزيادة الضرائب على الفقراء مرارا وتكرارا، الغوا زيادة الضرائب على حيتان المال، ودعموها ب5.6 مليارات دولارات، وزادوا خدمة الدين العام وعمموا البطالة والفقر والهجرة وضربوا الخدمات العامة ورفعوا تكاليفها من المياه الى الكهرباء الى التعليم الى الصحة الى الاستشفاء وخفضوا معاشات التقاعد وأهملوا ضمان الشيخوخة وضربوا قطاع النقل العام، واستمروا بالتهريب في المرفأ والمطار واتفاقات التراضي ومحاصصة الثروة النفطية، عمموا ثقافة الفساد والافساد وهدر المال العام واستباحوا الطبيعة ولوثوها بالكسارات والمطامر من برج حمود الى الكوستا برافا، واستمروا في اصطفافاتهم المذهبية وحولوا النقابات الى مجالس ملية ومكاتب حزبية، بعد ان صادروا قرارها النقابي المستقل، ومع ذلك، تقولون لنا ان مشروعكم هو مشروع بناء الدولة. فعن اية دولة تتكلمون؟ دولتكم هذه. دولة فاشلة من أساسها. وسلطتكم هذه سلطة فاشلة مستبدة وفاسدة، ولا بد من تغيير الاثنتين معا، وإقامة الدولة التي يريدها اللبنانيون، الدولة الوطنية الدولة الديموقراطية الدولة المقاومة، الدولة القادرة والسلطة القادرة على تحقيق مطالب اللبنانيين التي رفضتم تأمينها وتحقيقها على مدى سنوات وسنوات رغم كل التحركات والتظاهرات والاعتصامات".
وقال غريب: "اما انتم يا أصحاب الحقوق، يا من وقفتم في مواجهة حيتان المال والاحتكارات والفساد وقراصنة المال العام والمرابين والخارجين على القانون الذين يعبثون بأبسط قواعد الاستقرار الاجتماعي، كونوا على أهبة الاستعداد لمواجهتهم في الخامس عشر من أيار لمنعهم من التمديد لدولتهم وسلطتهم الفاشلة واستمرار مأساتكم لسنوات وسنوات، فجميع مشاريع القوانين التي يطرحونها من الستين الى التأهيلي الى المختلط وصولا الى ارنب الخامس عشر من أيار، تهدف جميعها لهم. متفقون علينا رغم خلافاتهم على الحصص في ما بينهم. متفقون على اقصاء مكونات حالة الاعتراض التي تصاعدت بفعل الحراكات والمواجهات الشعبية والنقابية والبلدية.
ولما كنا نريد دولة وطنية علمانية ديموقراطية، طرحنا مشروعنا الانتخابي القائم على النسبية الكاملة خارج القيد الطائفي والدائرة الواحدة، الا اننا مدركون في الوقت عينه، أهمية تجميع وتوافق كل مكونات حالة الاعتراض الشعبي والنقابي لتعديل موازين القوى وتصعيد المواجهة، لذلك طرحنا مبادرتنا بضرورة تداعي الأحزاب والقوى والشخصيات اليسارية وغير الطائفية كافة، بمن فيها جمعيات وهيئات مدنية، الى الالتقاء في أقرب وقت قبل الخامس عشر من شهر أيار من اجل اسقاط كل مشاريعهم الانتخابية التقسيمية والتفتيتية وبلورة خريطة طريق للمواجهة".
وتابع: "ان الأول من أيار والخامس عشر منه، محطتان نضاليتان تمثلان في مضمونهما اليوم وجهي الأزمة السياسية والاقتصادية -الاجتماعية التي تعصف بالبلاد.
ولتكن تظاهرة الأول من أيار واحتفالات هذا العيد في المناطق، منصة لتصعيد الحراك الشعبي في الشارع وصولا الى ذروته في الخامس عشر من أيار الحالي، وليكن الأول من أيار، يوما نستكمل المواجهة المفتوحة التي بدأناها ضد تحالف حيتان المال وسلطتهم السياسية الحاكمة ونظامهم السياسي الطائفي المذهبي، يوما لتصعيد المواجهة ضد الخطاب الطائفي والمذهبي الهادف الى تقسيم اللبنانيين، يوما لتوحيد كل اللبنانيين على أساس مصالحهم الوطنية والاقتصادية والاجتماعية وبناء الدولة الوطنية الديموقراطية، يوما نجدد فيه العزم والإرادة على الاستمرار في النضال لمكافحة الفساد والرشوة والتهرب الضريبي يوما لاعتماد تعليم رسمي نوعي ومتطور ونظام ضريبي عادل وسلسلة رتب ورواتب واجور تلبي حاجات اللبنانيين، وتغطية صحية شاملة ونظام تقاعدي لكل العاملين في القطاعين العام والخاص، يوما للمستأجرين وصغار المالكين والدفاع عن الضمان الاجتماعي ودعم كل الذين يتحركون اليوم في الشارع من اجل حقوقهم، يوما لبناء حركة نقابية مستقلة تحت راية هذه المطالب المحقة، يوما نجدد فيه نداء العودة الى كل الشيوعيين للمشاركة في ورشة استنهاض حزبنا، حزبا ثوريا للتغيير الديمقراطي.
تلك هي رسالة الأول من أيار: نحن لسنا قطعانا مستسلمة، نحن شعب حر يستحق الحياة".