شددت اللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون، خلال حفل توزيع افادات اقامته جمعية "دار الامل" قبل ظهر اليوم في سجن النساء المركزي في بعبدا، لثلاثين من نزيلاته شاركن في دورات تدريبية في مجالات متعددة، على "اهمية مواصلة دعم برامج اعادة التأهيل والاندماج الاجتماعي للسجناء عامة والسجينات خاصة، بما ينسجم مع المعايير والمواثيق الدولية لحقوق الانسان من جهة، وبما يعود بالفائدة على المجتمع من جهة ثانية، من خلال الحد من الجريمة وتحويل السجون الى مؤسسات اصلاحية".
حضر الحفل وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور بيار بو عاصي، سفيرة كندا ايمانويل لامورو ممثلة بفطمة بن سايح، المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلا بقائد سرية بعبدا الاقليمية العقيد جان رزق، رئيس فرع السجون العقيد غسان عثمان، رئيس جمعية "دار الامل" حبيب حاتم والاعضاء، الى عدد من المحامين والفاعليات.
وقائع الحفل
وكانت السيدة عون وصلت قرابة الحادية عشرة قبل ظهر اليوم الى سجن النساء المركزي في بعبدا، وكان في استقبالها في باحته الخارجية الوزير بو عاصي والعقيد رزق وحاتم.
وجالت اللبنانية الاولى والحضور في قاعات السجن بما فيها غرف النزيلات اللواتي سرد بعضهن تجربتهن وعبرن عن فرحتهن بزيارة السيدة عون التي اطلعت على اوضاعهن. كما جالت في الغرف التي اعدت لتكون مستوصفا ومطبخا ومشغلا حرفيا، وغرفة جمعية "دار الامل" المخصصة للدورات التدريبية التي علا جدرانها عدد من رسومات النزيلات عبرن فيها عن مآسيهن ورغبتهن بالعودة الى الحياة الطبيعية خارج قضبان السجن.
حاتم
واستهل الحفل في احدى قاعات السجن بالنشيد الوطني، وكلمة لحاتم رحب فيها ب"السيدة عون والحضور لتلبيتهم دعوة الجمعية لرعاية حفل تسليم شهادات لسيدات شئن أن يتغلبن على ظروفهن الاجتماعية والإنسانية، وقررن أن يلتقطن الفرصة الثانية التي تقدمت لهن لكي يغيرن حياتهن ويمسكن بزمامها، استعداد للخروج إلى العالم الخطر، حيث المطبات والصعوبات التي تجعل غير المتسلح بمهنة ضحية متطلبات وضغوط ومغريات".
واعتبر ان "النزيلات استحقين الشهادات بعدما عملن بجد وإخلاص وانتظام"، متوجها اليهن بالقول: "راهنا عليكن وحملنا كثيرين على هذه المراهنة وعلى المساهمة ماديا ومعنويا، ولكن الرهان الأهم هو ذاك الذي تقمن به أنتن"، مشيرا الى اننا "من القائلين مع الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو إن الإنسان طيب بطبيعته، لكن ظروفه الصعبة هي التي تفسده"، طالبا منهن ان يقتنعن "بهذه الحقيقة المطلقة التي يشهد العالم على ملايين الحالات التي تؤكد صوابيتها، وأن يعملن بموجبها أيا كانت ظروفهن وظروف البلد الصعبة".
بو عاصي
ثم القى الوزير بوعاصي كلمة شدد فيها على ان "قوة المجتمع تكمن في الوقوف الى جانب الفرد المجروح فيه"، مشددا على "ضرورة النظر الى النزيلات في السجن والى جميع الحضور النظرة نفسها، ذلك ان للجميع القيمة الانسانية ذاتها وكذلك الطاقة والحياة وان اختلفت الظروف".
وتوجه الى النزيلات، فأكد لهن انه كان وسيبقى الى جانبهن، لافتا الى ان "حضور السيدة الاولى وجمعية "دار الامل"، تأكيد على الوقوف الى جانبهن في كل لحظة"، مشيرا الى انهن "سيتخطين هذه التجربة القاسية وسيتقدمن نحو الافضل". ودعاهن ليكن "قدوة لغيرهن ومثلا يحتذى به لكل من يمر بهذه التجربة الصعبة".
واذ توقف عند رسومات النزيلات التي "تعبر عن الاحساس والابداع والحرية والانوثة والامومة والحب والعائلة، وتعبر بالتالي عن القيم التي حافظت عليها النزيلات في اصعب الظروف"، تطرق الى وصيته للوزير المقبل، فقال: "خدمت خلال سنتين في هذه الوزارة، واعترف انني لم اتمكن من انجاز كل ما تمنيته لاسباب عدة، ولكن سأوصي الوزير المقبل كي لا يهتم بالسجينات فقط بل بعائلاتهن ايضا، فعلينا القيام بجهد كبير للتواصل مع عائلاتكن رغم انه لا احد يمكنه الحلول مكانكن. ولكن من واجبنا الاهتمام بهم كحد ادنى حتى عودتكن سالمات اليهم".
العقيد رزق
والقى العقيد رزق كلمة، اكد فيها ان حضوره الحفل "ما هو الا الدليل على الاهمية التي توليها قيادة قوى الامن الداخلي بدعم من مديرها العام اللواء عماد عثمان لاعادة تأهيل نزيلات السجن، لكي يتمكن من الانخراط في المجتمع لدى خروجهن وعدم سلوكهن طريق الانحراف والجريمة مرة ثانية، وتأمين حياة كريمة لهن"، لافتا الى ان "الشهادات التي وزعت عليهن اليوم تشكل احدى الوسائل التي تضمن لهن مواجهة مصاعب الحياة وتأمين لقمة عيشهن الشريفة لدى خروجهن الى الحرية".
وتوجه بالشكر الى السيدة عون "لرعايتها الحفل وحضورها ودعمها المستمر لمثل هذه النشاطات، والى جمعية "دار الامل" لمبادراتها الهادفة الى تعزيز الثقة بالنفس للنزيلات"، مشددا على "اهمية الشراكة بين الدولة والمجتمع المدني في تأهيلهن واعتباره شريكا اساسيا في بناء الثقة بين المجتمع والمواطن".
قرى
ثم القت مديرة "دار الامل" السيدة هدى قرى كلمة، شكرت فيها للسيدة عون حضورها، معتبرة انه "يوفر دفعا معنويا للنزيلات كما للجمعية"، مشيدة بالحس الانساني الرفيع الذي تتمتع به. وبعدما عرضت لواقع السجن ومشاركة الدار في تحسين ظروفه، اكدت ان "الدار لم تكن لتتمكن من انجاز ما انجزته لولا الدعم الذي وفرته لها المديرية العامة لقوى الامن الداخلي".
ولفتت الى ان "في السجن الذي يضم خمس غرف، 110 نزيلات 18 منهن محكومات والاخريات موقوفات"، مشيرة الى ان "الدورات التي يشاركن فيها والاشغال التي يقمن بها تمكنهن من اكتساب الخبرات في مجالات عديدة"، وقالت: "اننا نركز على التعليم في المقام الاول ومن ثم التثقيف ليتسلحهن بما يمكنهن من مواجهة الحياة بعد خروجهن من السجن".
وشددت على "ضرورة انشاء سجن نموذجي"، آملة من السيدة عون "مساهمتها في اخراج هذا المشروع الى حيز التطبيق".
وقدمت احدى الامهات النزيلات شهادة عن تجربتها، فاشارت الى ما تعرضت له من عنف واستغلال وتعد قبل دخولها السجن، منوهة ب"ما تقدمه لها ولزميلاتها النزيلات الدورات التدريبية من امكانيات تعلم".
كلمة نزيلات السجن
والقت احدى نزيلات السجن كلمة، عبرت فيها عن "عميق الشكر للبنانية الاولى لزيارتها السجن والفرح بحضورها"، كما شكرت الحضور، آملة "ان يصل صوت النزيلات عبرهم لتحسين أوضاعهن".
وقالت: "نحن أمامكم نعترف بأخطائنا قبل دخولنا الى السجن. كل واحدة منا في داخلها ذكريات أليمة، مخيفة، نود أن لا نتذكرها. نعم أخطانا، وأخطأنا كثيرا، ولكن، معظمنا وضعنا في ظروف صعبة جدا، ومنذ الطفولة تم استغلالنا بعدة طرق، من الاهل ومن الزوج ومن المجتمع. ولم نستطع المقاومة"، مشيرة في المقابل، الى ان "كل هذه الاسباب لا تبرر لهن ابدا ما أوصلهن لدخول السجن ونيلهن العقاب".
واذ لفتت الى الواقع الصعب الذي يعيشنه، نوهت بانهن قررن مع دعم ومساعدة ادارة السجن وجمعية "دار الامل"، أن "نعتبر أنفسنا في مؤسسة اصلاحية، وأن نستفيد من وجودنا هنا، من كل ما يقدم لنا من دعم ومساعدة للتصالح مع أنفسنا ومع الآخرين والاستفادة من الدورات والبرامج المستمرة على مدار السنة".
وفي الختام وقبل التقاط الصور التذكارية، وزعت السيدة عون والوزير بو عاصي والعقيد رزق والسيد حاتم افادات على نزيلات السجن الثلاثين اللواتي شاركن في دورات تدريبية على الاشغال اليدوية بالاضافة الى التجميل والكمبيوتر واللغة الاجنبية.
يشار الى ان جمعية "دار الامل" تنفذ منذ العام 1996 مشروعا تنمويا يساعد على حماية حقوق الانسان وتحسين الاوضاع المعيشية في سجون بعبدا وطرابلس وزحلة للنساء ومساعدة نزيلات هذه السجون وتطوير قدراتهن واكسابهن مهارات في اطار السعي لاعادة تأهيلهن للاندماج مجددا في المجتمع. ويتم التعاون في تنفيذ هذا المشروع مع وزارتي الداخلية والبلديات والشؤون الاجتماعية والمديرية العامة لقوى الامن الداخلي وبلديات ومؤسسات دولية ومحلية.