ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، عاونه المطران حنا علوان وكاهن رعية قنات فادي شمعون، في حضور رعية قنات يتقدمها رئيس البلدية الدكتور انطوان سعادة والمختار سركيس بدوي وأشقاء وعائلة المطران فرنسيس البيسري، رئيس بلدية العقيبة جوزف دكاش وأعضاء المجلس البلدي. وخدمت القداس جوقة رعية قنات .
العظة
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان: "الذين يسمعون كلمة الله ويحفظونها، يثبتون ويثمرون" (لو8: 15)، قال فيها:" كلمة الله مثل حبة القمح التي تزرع في الأرض. إذا سمعت بإهمال وبدون اكتراث، طغت عليها اهتمامات أخرى وبددتها، وبذلك تشبه حبة القمح التي تقع على جانب الطريق. وإذا سمعت بسطحية، من دون أن تخرق عقل الإنسان وقلبه، تتبخر، وتشبه الحب الساقط على الصخرة. وإذا سمعت مع الانشغال بهموم الدنيا وبلذاتها تختنق، مثل الحب الساقط بين الشوك. أما إذا قبلت في قلب نقي صالح وحفظت، أعطت ثمرا كثيرا، مثل الحب الساقط في الأرض الجيدة الذي يثبت ويثمر مئة ضعف. إننا نلتمس نعمة الإصغاء لكلام الله، على مثال أمنا مريم العذراء التي كانت "تحفظه في قلبها وتتأمل فيه" (لو2: 9 و50).
أضاف: "يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، وأن نرحب بكم جميعا وبخاصة برعية قنات، بكاهنتها ورئيس بلديتها والمجلس والمخاتير والاخويات والجوقة وسائر أبناء الرعية. ونرحب برئيس وأعضاء مجلس بلدية العقيبة العزيزة، وبالوفد الآتي من اوستراليا".
وتابع: "إننا نواصل معكم الصلاة على نية جيشنا اللبناني، سائلين الله انتصاره المتواصل على الإرهابيين في جرود راس بعلبك والقاع، ونحيي العماد جوزف عون قائد الجيش والضباط والعسكريين، مقدمين لهم تعازينا الحارة بسقوط الشهداء من صفوفهم على مذبح الوطن، كما نقدمها لعائلاتهم. ونصلي ايضا من أجل شفاء الجرحى.
وفي مناسبة العيد الثاني والسبعين لتأسيس الأمن العام، نعرب عن تهانينا لمديره العام اللواء عباس ابراهيم وللضباط والعسكريين، مع تقديرنا للمهمات الدقيقة والناجحة التي يقومون بها".
وقال: "الذين يسمعون كلمة الله ويحفظونها، يثبتون ويثمرون" (لو15:8)، "عندما نقبل كلمة الله في قلوبنا، وتصبح جزءا منا، تتحقق فينا كلمة القديس أثناسيوس الاسكندري: "صار كلمة الله لابسا الجسد، لكي نصير نحن لابسي الروح" .بلباسنا الروح، إنما نلبس الحقيقة، والعدالة، والمحبة، والتجرد من الذات، واحترام الآخر كرامة كل إنسان، وننشر ثقافة الكلمة، ونبني حضارتها. هذا ما يريده الرب يسوع من المؤمنين به الذين يقبلون كلمة الله بقلوبهم النقية الصالحة، إذ يصبحون خميرة بناءة في مجتمعهم، ونورا هاديا في ظلمات الشر والظلم والكذب والفساد. لقد بين لنا التاريخ وجوها كبيرة صقلتها كلمة الله، فتميزوا بعزة نفوسهم، وكرامة شخصيتهم، وأنجزوا أعمالا كبيرة أنمت الإنسان والمجتمع".
أضاف: "إننا نرى بأم العين، كم أن مجتمعنا بحاجة إلى ثقافة روحية وخلقية، يكتسبها من كلام الله، كي ينسج علاقات إجتماعية سليمة. نحن ندرك فقر كلامنا البشري الذي غالبا ما ينتج كذبا وحقدا ونزاعا، بدلا من أن ينشرالحب، ونور الحقيقة، ويوطد الشركة بين الأشخاص. من خلال كلام الإنسان تظهر حالته الداخلية على حقيقتها، ومكنونات قلبه، على ما يقول الرب يسوع: "من داخل الإنسان تخرج أفكار الخير أو السوء" (متى 15: 8). فلا بد من أن يمتلىء قلبنا من كلام الله، كي ينقي كلامنا البشري، ويوجه إرادتنا نحو أعمال الخير والصلاح".
وتابع: "ليست هذه المبادىء مقتصرة على الشأن الروحي، لكنها تشمل كل الشؤون الزمنية العامة، بمعنى أن الجماعة السياسية لا تعفى من التقيد بها تعليما ومبادىء أخلاقية. لذا، لا يحق لأي مسؤول في أي قطاع من الشأن العام أن يتصرف على هواه خلافا لما تفرضه أخلاقية ممارسة السلطة والمسؤولية والعمل السياسي. وإلا استبيح القانون والدستور، وفقد المواطنون الثقة بالدولة ومؤسساتها. ونود أن نشير هنا، على سبيل المثال، إلى ما يعاني منه اللبنانيون ويرفضونه".
وقال: "من غير المقبول أن ينصب النافذون أنفسهم فوق القانون، فيمنعون تنفيذ أحكام مجلس شورى الدولةالتي تعلن العدالة وتعطي الحقوق لأصحابها، أو ينفذون بعضها إستنسابيا، وفقا لمصالحهم؛ ومن الظلم أن يعطل النافذون المناطقيون إجازات قانونية رسمية صادرة عن دوائر الدولة لإنشاء مشاريع إنمائية، بحيث لا يستطيع أصحابها تنفيذها، ويمنعون من السير بها بقوة المسلحين، إلا إذا اقتطعوا حصة مالية للنافذين، ولمن يغطيهم من أهل الحكم، وقبلوا بتشغيل عدد من الموظفين المفروضين عليهم فرضا. ومن غير المقبول أن تظل كل معاملة في إدارات الدولة مشروطة بفرض خوات ورشوات ومدفوعات"، وبما إن "العدل أساس الملك"، يجب حماية العدالة من تدخل السياسيين، واقتلاع الفساد من داخل القضاء. إن ممارسة العدالة ممارسة منزهة وحرة هي التي تولد ثقة اللبنانيين بوطنهم، وثقة الأجانب بالدولة".
أضاف: "ويتساءل اللبنانيون لماذا التباطؤ في تحديد موعد للانتخابات النيابية الفرعية، التي يقتضيها الدستور. فحذار من مخالفته هنا أيضا، إذ لا يوجد أي عذر أو سبب شرعي لذلك. كما يخشى اللبنانيون مخالفته مجددا بعدم إجراء الإنتخابات العادية في شهر أيار المقبل، بذريعة عدم الرضى عن القانون الجديد، ووجوب إجراء بعض التعديلات عليه، وضيق الوقت. لقد بدأت ترتفع أصوات الشك على مستوى الرأي العام وتخلق لدينا ولدى غيرنا هذا الخوف من التمديد مرة رابعة، لا سيما وأن مخالفة الدستور عندنا باتت أمرا عاديا وبسيطا للغاية".
وتابع: "إننا نضع كل هذه الامور في عهدة فخامة رئيس الجمهورية، الذي هو وحده أقسم اليمين على حماية الدستور الضامن لحقوق المواطنين وسير المؤسسات العامة وكيان الدولة.
وإننا في الوقت عينه، نعود فندرك أهمية قبول كلام الله في قلوبنا المستصلحة بروح التوبة والصلاة والاغتذاء من جسد الرب ودمه، تماما كما يستصلح الفلاح أرضه ليزرعها. فيزيل منها الأشواك والحجارة ويتربها ويحميها من دوس الناس لها".
وختم الراعي: "من مريم، أم الكلمة، التي جعلت من كلام الله مصباحا مضاء على الدوام قاد خطاها في كل مراحل حياتها، من البشارة إلى الصليب والقيامة وحلول روح العنصرة، نلتمس أن نسير على مثالها، فتصبح حياتنا كلها، في حلوها ومرها، أنشودة تمجيد وتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
استقبالات
وبعد القداس، استقبل الراعي في الصالون الكبير المشاركين في الذبيحة الالهية.
وألقى كاهن رعية قنات فادي شمعون كلمة عبر فيها عن محبة رعية قنات للبطريرك، وقال:"في سنة الشهادة والاستشهاد تحيي قنات بدورها ذكرى شهدائها الذين تشبهوا بالمصلوب وقدموا حياتهم على مذبح الوطن والكنيسة ، وهي تحافظ على وديعة الايمان وتعيشها بصدق وتنقلها للأجيال الصاعدة وهي تقول لكم بأنها باقية على الأمانة والعهود".
أضاف: "نعلن أمامكم شهادة للحق بأن بلدة قنات تسعى بكل أبنائها وطاقاتهم وقدراتهم إنعاش الحياة في البلدة من خلال الأنشطة المنوعة بالتعاون مع المجلس البلدي والقوات اللبنانية والمخاتير والأخويات وكل الهيئات والفعاليات . وستبقى قنات دائما بلدة الشهادة والشهداء".
رد الراعي
ورد الراعي بكلمة حيا فيها قنات وأهلها، طالبا "الرحمة لشهدائها وللمطران البيسري الذي جعلنا نحب بلدة قنات التي قدمت للوطن وللكنيسة شهادة الروح والجسد"، محييا كل "فعاليات البلدة والقيمين الذي يهتمون في البلدة ويعملون لخيرها ، وبالتحديد الخوري عبدو الذي يهتم بالاكليريكيين كهنة الغد، وكل الذين أعطتهم قنات في عالم الدنيا والكنيسة، وقد قدمنا اليوم الذبيحة على نية الجميع في البلدة مرضى وشهداء وأحياء، وللأجيال الصاعدة كي ينمو كما المسيح بالقامة والحكمة والنعمة"، شاكرا للخوري شمعون "كلمته التي ألقاها".
بعدها، استقبل رئيس بلدية العقيبة جوزيف دكاش وأعضاء المجلس البلدي. وأكد دكاش على مواقف البطريرك الوطنية الحكيمة، معربا عن "محبته وتقديره للمواقف التي يطلقها"، مشيرا الى انه "يتحدث دائما عن هواجس الجميع ومشاكلهم الوطنية والاجتماعية بهدف تسليط الضوء عليها وايجاد الحلول لها"، داعيا البطريرك الى "زيارة العقيبة التي باتت مدينة تحوي ثماني كنائس وسبع رعايا وديرين ومدرستين"، آملا أن "يبارك غبطته البلدة في زيارة يقوم بها في أقرب وقت ممكن".
وقد أثنى الراعي أمام المجلس على "الانجازات التي حققها المجلس البلدي الجديد من خلال نهضة إنمائية على مختلف المستويات".
كما التقى الراعي رئيسة ديرالسيدة مجدليا الأم ماري جرمان طانيوس على رأس وفد من أفراد الهيئة الإدارية، وعرضت الأم طانيوس "تداعيات سلسلة الرتب والرواتب على المدارس المتوسطة والصغيرة"، معربة عن "تأييدها لدعوة البطريرك الدولة لتسديد متوجبات الزيادة عن الاهل في المدارس الخاصة لتحقيق العدل".
أخبار الوكالة الوطنية للاعلام