رئيـس بلديـة بعلبك الجنرال حسين اللقيس: مديـنــتــنـــــا سـتـنـافــس أهـــم المدن السياحية العالميـة
هنا في بعلبك تقف مذهولاً امام هيبة التاريخ وعظمته، هنا تسحرك روعة مدينة نادرة حجزت لنفسها موقعاً دائماً على خارطة السياحة العالمية. بعلبك، مدينة الشمس التي تتباها بآثارها الشامخة ومهرجاناتها الفنية الضخمة، تستعيد اليوم إشراقتها تحت جناح مجلسها البلدي برئاسة الجنرال حسين اللقيس الذي لا يألوا جهداً للنهوض بمدينته وجعلها تنافس أهم مدن العالم السياحية..
أهالي مدينتنـا يشكـلون نموذجـاً للعـيـش المشتـرك
- جنرال ماذا تخبرنا عن بعلبك من ناحية تسميتها وجغرافيتها؟
إن بعلبك إسم فينيقي قديم جداً، يأتي من كلمتي «بعل» بمعنى إله و«بك» أي البقاع وذلك حسب التاريخ القديم. لاحقاً اليونانيون أطلقوا عليها تسمية مدينة الشمس وذلك لأن الشمس تشرق عليها 300 يوم في السنة فأسموها إيليوبوليس اي مدينة الشمس.
في الواقع تعتبر بعلبك مدينة تاريخية قديمة جداً، وقد تواجدت فيها آثار تدل على الحياة على ضفاف نهر رأس العين حيث تم اكتشاف كهوف ومغاور تعود إلى 9000 سنة قبل الميلاد. وهذا شيء منطقي، ذلك انه في الأزمنة القديمة، وكما هو معروف، يتجمع الناس حول الأنهار والينابيع وفي بعلبك يوجد نبع رأس العين المشهور إضافة إلى النهر. وهكذا تم تشكيل نواة مدينة تطورت مع الوقت لتصبح ما هي عليه اليوم. مع الإشارة إلى أنه حتى في أيام الفينيقيين كان يتواجد معبد في المدينة وقد بنى الرومان الهياكل العظيمة التي لا مثيل لها في العالم على أنقاض ذلك المعبد. أما من الناحية الجغرافية فتقع المدينة وسط سهل البقاع على أسفل السفوح الغربية لسلسلة جبال لبنان الشرقية، تبعد عن العاصمة بيروت 85 كلم وارتفاعها عن سطح البحر يبلغ 1150 متراً.
- كم تبلغ مساحتها؟
إن مساحة النطاق البلدي تلبغ 39 كلم2، أما لناحية عدد السكان فهو يلامس 200 ألف نسمة، إذ يتواجد نحو 120 ألف لبناني كمقيمين دائمين في المدينة التي تستضيف أيضاً نحو 60 ألف لاجئ سوري بالإضافة إلى 10 آلآف لاجئ فلسطيني.
- ألا تشكل هذه الأعداد الكبيرة من النازحين واللاجئين معاناة لكم؟ وكيف تتصرفون حيال ذلك؟
طبعاً هناك عبء تتحمله البلدية لا سيما لجهة البنى التحتية من مياه وكهرباء لأنه يوجد ضغط كبير على هذه الشبكات، أضف إلى ذلك مشكلة المنافسة على اليد العاملة. لا شك أن الأخوة السوريين هم أهل لنا ونحن ملزمون بتحمل هذه الأعداد الكبرى من النازحين إنما في نفس الوقت نناشد اليوم الجهات المعنية، سواء محلية أو دولية، الإهتمام بمدينة بعلبك لجهة البنى التحتية وتخصيصها بعدد من المشاريع الإنمائية لاستيعاب اليد العاملة اللبنانية وإعطاء المدينة طابعاً تنموياً اقتصادياً.
- هل تقولون إن بعلبك هي من المناطق المحرومة اليوم؟
في الواقع منذ الإستقلال لا بل قبل ذلك، كانت معظم مناطق الأطراف كالبقاع وعكار والجنوب وحتى بعض مناطق الجبل تعيش نوعاً من الحرمان. هذا الحرمان يزول اليوم تدريجياً إنما ليس بإمكاننا القول بعد أن هناك إنماءاً متوازناً مع باقي المناطق اللبنانية مع ما يكتسبه هذا الأمر من أهمية على المستوى الإجتماعي والسياسي والأمني، لكن المدينة تعيش لا شك نهضة منذ 15 سنة حيث شهدت نوعاً من الإنماء الجيّد إنما غير كافٍ ليكون متوازناً مع بقية المناطق.
- ماذا تقول لنا عن العمل البلدي؟ هل هذه تجربتك الأولى في هذا المعترك؟
فعلاً، إن المرة الاولى التي خضت فيها غمار العمل البلدي كانت في أيار 2016 من خلال ترشحي للإنتخابات البلدية. وأنا أفتخر بمحبة وثقة أبناء بعلبك التي أوصلتني إلى المجلس البلدي وهذا ما أعتبره شرفاً كبير لي.
- ماذا تخبرنا عن المعركة الإنتخابية؟ وكيف تصف أجواء ذلك اليوم؟
كان هناك تنافس بين لائحتين. المنافسة اتخذت طابعاً قوياً إنما شريفة في نفس الوقت وهو الأهم بالنسبة لنا. الفارق بين الللائحتين كان بحدود 1500 صوتاً، إلّا انه في اليوم التالي للإنتخابات طوينا الصفحة ونحن على أحسن العلاقات مع أهالي البلدة وحتى مع أعضاء اللائحة الأخرى المنافسة الذين يزورونا لمناقشة مختلف الأفكار التي تعني المدينة والإستفادة منها.
”بابنا مفتوح للجميع من دون استثناء
- هذا يعني أن المنافسة بينكم كانت على توفير أفضل خدمة ممكنة للمدينة؟
طبعاً، والمدينة مشهورة من هذه الناحية لجهة المنافسة والرقي في التعاطي حتى خلال اشتداد المنافسة. اليوم وكما هو واضحاً هناك تجانس تام بين أعضاء المجلس البلدي، كما أن بابنا مفتوح لكافة فئات المجتمع البعلبكي من مختلف الانتماءات والطوائف والمذاهب والأحزاب.
- من هي الجهات التي دعمت لائحتكم خلال الانتخابات؟
إن لائحتنا تلقت دعماً من كافة الأحزاب الوطنية اللبنانية وأعني بذلك حركة أمل، حزب الله، الحزب القومي السوري، حزب البعث والحزب الإشتراكي بالإضافة إلى محبّين وأصدقاء من الوسط الآخر، لذلك لم أعتبر نفسي مرشح حزب واحد أو فئة واحدة إنما مرشح بعلبك كلها.
”المهرجانت قائمة وبأحسن أحوالها
- ماذا عن مهرجانت بعلبك الشهيرة؟ أين هي اليوم؟
إن مهرجانات بعلبك الدولية قائمة وبأحسن أحوالها.
- ماذا تخبرنا عن تاريخها ومراحل تطويرها؟
تأسست لجنة مهرجانات بعلبك الدولية في خمسينات القرن الماضي أثناء عهد الرئيس كميل شمعون، وتوقفت لاحقاً لفترة وجيزة بفعل الظروف الأمنية التي طرأت نتيجة الأحداث اللبنانية واندلاع الحرب عام 1975، إنما قبل هذا التاريخ كانت اللجنة ناشطة جداً وكانت ذات شهرة عالمية حيث كان المستوى الفني الذي تقدمه راقياً جداً والحضور كان مميزاً ولا يزال. وبعد عودة الهدوء وانتهاء الأزمة الداخلية، استعادت اللجنة حجمها وهي تقوم اليوم بنشاط جدّ مهم على الصعيد السياحي والفني والإقتصادي.
- المهرجانات لا تزال كالسابق؟
إذا كان المقصود المستوى الفني فلا بد من توجيه السؤال إلى الخبراء في هذا المجال، إنما على الصعيد الشخصي أستطيع القول انه في السنوات الماضية كان المستوى الفني مهم جداً. حالياً المستوى لا يزال موجود طبعاً إنما قد لا يكون بحجم المستويات السابقة، أعتقد ان هناك تحسن وتقدم على هذا الصعيد ونأمل ان نعود إلى ذاك المستوى الرفيع والراقي الذي كان سائداً في تلك الفترة من الزمن.
”لتعديل قانون البلديات وتوسيع صلاحياتها
- بالعودة إلى الشأن البلدي، هل تؤيدون اللامركزية الإدارية؟
طبعاً أنا مع اللامركزية الإدارية ومع توسيع نطاقها، يقال اليوم انه يوجد لامركزية لكن عملياً توجد قيود عديدة، أكثر مما يتصور البعض. فهناك قيود مركزية وقيود في النظام الداخلي الخاص بالبلديات، إضافةً إلى قيود على حرية القرار والحركة في البلديات بشكل عام لذلك لا بد من تعديل قانون البلديات الموجود حالياً.
وهنا أوّد أن أشير إلى انعقاد اجتماعات لكبرى بلديات لبنان في بلدية بيروت وقد تم مؤخراً رفع مذكرة إلى معالي وزير الداخلية، وطبعاً إلى مجلس الوزراء من خلاله، بغية تعديل القانون واتخاذ الإجراءات اللازمة لتوسيع صلاحيات البلديات لأن البلدية تبقى في نهاية المطاف الرعيل الإداري الأول للمواطنيين وعلى احتكاك يومي معهم. فهي ترافقهم في كافة مشكلاتهم ومعاناتهم والقضايا التي يشكون منها وهي تعرف أكثر من غيرها كيفية إيجاد الحلول المناسبة لها. لذلك نرى انه لا بدّ من منحها صلاحيات لأنها أيضاً تخفف عن كاهل الدولة والوزرارات المعنية، فمتى أُعطيت البلديات الإمكانية الإدارية والمالية اللازمة تخفف الأعباء تلقائياً عن الإدارة المركزية.
- لكن هناك ضرورة لبقاء الدولة كعين ساهرة لمعاقبة المخالفين، الا توافقون على هذا الرأي؟
إن اللامركزية لا تعني إطلاقاً الفلتان الإداري والمالي. المجلس البلدي قادر من خلال تركيبته على فرض نوع من الرقابة الشرعية على رئيس البلدية والجهاز التنفيذي فيها وباستطاعته ضبط الوضع، انما حين تكون هناك لامركزية يصبح هناك نوعاً من الحرية في انجاز المشاريع وبالاخص المشاريع الإبداعية لأنه يصبح هناك سرعة في التنقيذ، فالمشروع يولد في لحظة معينة وفي ظروف قد تكون استثنائية لا بد من استغلالها إلى أبعد الحدود، إنما عندما نلجأ إلى الروتين الإداري قد تنتفي الظروف بفعل الإجراءات التي تأخذ وقتاً في العادة...
”الوضع الأمني جيد جداً
- ماذا عن تحضيراتكم لموسم الصيف القادم؟
نحن مدينة سياحية عالمية نتطلع ونطمح لأن تكون هذه المدينة ببنيتها التحتية بمستوى المدن السياحية العالمية لجهة نظافة الشوارع والخدمات المقدمة وخطط السير... إن ذلك كله هو موضع اهتمامنا اليوم. فهمّنا الأول والأخير يكمن في كيفية رفع مستوى المدينة لتضاهي باقي المدن السياحية العالمية بمستوى الآثار الموجود فيها والذي يجذب السائحين من كافة أنحاء العالم، وقد بدءنا العمل فعلياً على هذه النقاط من خلال مشاريع كثيرة وخطط لمشاريع أخرى قيد الدرس على أمل التنفيذ في مرحلة لاحقة.
- هل لديكم أرقاما عن أعداد الزائرين الذين يقصدون بعلبك؟
حالياً وفي الظروف التي نعيشها اليوم لا نستطيع تقييم الوضع وإعتماده كمقياس، لأنه توجد العديد من السفارات الأجنبية التي تمنع رعاياها من زيارة المدينة لأسباب أمنية، لكن في الواقع فإن الوضع الأمني جيد جداً. طبعاً قد تحدث بعض الإشكالات الفردية بين الحين والآخر، وربما بسبب تأخر القوى الأمنية في المبادرة للتدخل، قد تتفاقم ليوم أو إثنين خاصة في ظل تواجد عقلية عشائرية صعبة، إلا أن الأمور تعود إلى طبيعتها بعد ذلك لكن الإعلام يظلم المدينة أحياناً، لا بل إن معظم هذه الاشكالات تحدث خارج نطاق المدينة. فقضاء بعلبك يشكل 20 إلى 22 % من مجمل مساحة الدولة اللبنانية، فيمكن للحادث الأمني أن يكون قد حصل في منطقة نائية تبعد نحو 50 كلم عن المدينة إنما في الإعلام يعمدون إلى تسمية بعلبك الأمر الذي يؤثر سلباً على السياحة في المدينة، ورغم ذلك لا نزال نرى سواحاً من جنسيات أجنبية مختلفة.
- ماذا عن أعدادهم؟
طبعاً الأعداد تبقى أدنى من المتوقع لكننا نأمل في أن تتحسن مع اقتراب موسم الصيف. أما بالنسبة للزوار المحليين فهناك أعداداً كبيرة تقصد بعلبك لزيارة الهياكل العظيمة ونهر رأس العين خلال عطلة نهاية الأسبوع رغم أن الظروف المناخية لا تزال غير مستقرة، ولكن نستطيع ملاحظة أعداد كبيرة من الحافلات المخصصة للرحلات تتجول في المنطقة وعددها أحيانا يتخطى الـ 50 حافلة. وفي بعلبك سياحة دينية أيضاً، هنالك مقام للسيدة خولى بنت الحسين الذي يستقطب عدداً لا بأس به من الزوار.
- ماذا عن القلعة؟
الأمر نفسه ينطبق على القلعة الأثرية التي تشهد إقبالاً سياحياً مميزاً ونحن نستطيع تأكيد هذا الأمر، لأن حجز بطاقات الدخول يتم عبر البلدية، حيث تتقاسم البلدية ووزارة السياحة المردود المالي.
- كيف تصفون العلاقة مع وزارة الداخلية؟
العلاقة مع وزارة الداخلية ممتازة، هم لا يعرقلون أي معاملة قانونية، ونحن في المقابل نلتزم بكافة التعليمات والقوانين المفروضة علينا بموجب قانون البلديات، والوزارة هي سلطة وصاية على البلديات وتراقبها، وفي المناسبة أوّد توجيه تحية إلى معالي الوزير نهاد المشنوق الذي أثبت أنه لا يميّز ولا يؤخر أي معاملة.
- كلمة اخيرة لأبناء بلدتك؟
أنا فخور جداً بانتمائي إلى مدينة بعلبك وأعتز بأهالي مدينتي وأعتبرهم نموذجاً للتعايش والوحدة الوطنية والمحبة والتجاوب مع البلدية، الأمر الذي يجعلني متفائلاً كثيراً ويمنحني إندفاعاً وحماساً لعدم الوقوف أمام أي مشكلة قد تواجهنا لأن الناس متجاوبين معنا وبالتالي من خلال التعاون والتنسيق نستطيع إيجاد الحلول اللازمة لكافة المشكلات. العافية لا بدّ ان تأتي مهما كانت الإمكانات المالية ضئيلة ونحن نسعى داخلياً وخارجياً لتأمين ما أمكن من مساعدات للنهوض بالمدينة بكافة المجالات والميادين..