أكد عشرات العلماء الموريتانيين في فتوى وقعوها أمس «أن العلاقة مع الكيان الغاصب لأرض فلسطين المحتل لبيت المقدس وأكنافه حرام لا تجوز بحال». وأكد العلماء الذين تصدرهم العالم الموريتاني الشاب الشيخ محمد الحسن الددو
«أن التطبيع الذي يروج له المروجون يعني إقرار الغاصبين المحتلين على تدنيس المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، وتلويث الأرض المباركة أرض الأنبياء ومهبط الرسالات وأرض الجهاد والرباط بفجورهم وفسوقهم وجرائمهم وإفسادهم، وقد قال الله عز وجل {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}».
حرمة العلاقة مع إسرائيل
وأوضح العلماء «أن حرمة العلاقة مع إسرائيل تعود لأسباب، منها أن التطبيع مع هؤلاء الصهاينة المحتلين إقرار لهم على الاستمرار في احتلال بلاد المسلمين، وتخلٍّ عن فريضة الجهاد، وتعاون مع من قاتلنا وأخرجنا من ديارنا وظاهر على إخراجنا. وهو، في الوقت نفسه، خذلان لإخواننا المسلمين في فلسطين، وانضمام إلى صفوف العدو المحاربين، وركون إلى الظالمين، وهو تشجيع لليهود على ما يقومون به من إفساد، وموافقةٌ على تدنيس المسجد الأقصى وتلويث الأرض المبارك؛ فهذا التطبيع حرام من أعظم المحرمات».
وأضافوا «أن حقيقة هذا التطبيع هو مساندة ودعم كامل للصهاينة الغاصبين على كافة ما يقومون به من حصار وقتل وتدمير، ولا يمت إلى الصلح بصلة، فالصلح: هو وقف للقتال لمصلحة المسلمين ما استقام العدو ولم ينقضه بعدوان أو غدر، قال تعالى {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها}؛ أما التطبيع المذكور فواقعه موالاة وموادة وتحالف مع العدو وتعاون معه في مجالات مختلفة ضد الإسلام والمسلمين».
وجزمت الفتوى في سردها لأسباب حرمة التطبيع «بأن العلاقة مع العدو الغاصب اعتراف للعدو بأرض فلسطين، واعتراف لهم بأحقيتهم في القدس، وهو إقرار لهم بالسيطرة على بيت المقدس وبأنه لا حق للفلسطينيين، فضلاً عن سائر المسلمين في هذه الأرض، كما يعد من أكبر الوسائل لتعزيز وجود الصهاينة ومدهم بأسباب القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وهذا واقع لا ينكره إلا مكابر».
وأضاف العلماء «أن العدو إذا احتل بلداً من بلاد المسلمين فالجهاد لإخراج هذا المحتل يصبح فرض عين، والاستعداد لهذا الجهاد وإعداد القوة له يصبح فرضاً، وتاريخ احتلال الصهاينة لفلسطين معروف منذ وعد بلفور الصادر في 2 تشرين الثاني/نوفمبر1917، بجعل فلسطين وطناً قومياً لليهود، وقد وفى البريطانيون بهذا الوعد فساعدوا اليهود على الاستيلاء على فلسطين بالقوة وإخراج أهلها من ديارهم، فالواجب هو الجهاد لإخراجهم من الأرض التي احتلوها وليس التطبيع معهم».
«إن التطبيع مع العدو المحتل، يضيف العلماء، يعني إقرار الغاصب على غصبه والاعتراف له بما تحت يده وتمكين هذا المعتدي من البقاء على عدوانه، ولا يجوز في حال من الأحوال الاعتراف لليهود المحتلين بشبر من أرض فلسطين، فهذا الاعتراف خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وقد قال الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}».
«إن هذا العدو الذي يروج للتطبيع معه، تقول الفتوى، قاتل المسلمين وأخرجهم من ديارهم وشرّدهم وقام بنحو مائة مذبحة، والتطبيع معه موالاة له محرمة بنص القرآن، قال الله عز وجل {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}».
خذلان
وتابع العلماء: «هذا العدو المحتل مستمر في عدوانه واغتصابه للأراضي وتوسيع رقعته المغصوبة، فهو سرطان في بلاد المسلمين يتمدد باستمرار، والتطبيع معه معاونة له على الإثم والعدوان ومظاهرة له وموالاة له من دون المؤمنين، وقد قال الله عز وجل {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير}؛ والتطبيع مع هذا العدو خذلان لإخواننا المسلمين الذين يذيقهم هذا العدو الأمرين ويحاصرهم، وأقرب مثال على ذلك: غزة التي يحاصرها هذا العدو ويمنع وصول الغذاء والدواء إليها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره» رواه مسلم».
«إن هذا التطبيع الذي يروَّجُ له، يقول العلماء، يعني فتح بلاد المسلمين أمام اليهود الذين قال الله عز وجل فيهم {ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين} فهم ينشرون الفساد أينما حلوا، ويحاربون الإسلام أينما كانوا، ويدبرون المؤامرات والاغتيالات، وهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا. قال الله عز وجل {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا}، وقد أرانا الله عز وجل في هذا العصر من عداوة هؤلاء اليهود ما يتطابق مع ما جاء في القرآن».
وتأتي هذه الفتوى التحذيرية بعد أن رشح الإعلام الإسرائيلي موريتانيا مع دول أخرى، للدخول في موجة التطبيع الأخيرة، وهو ما لم يظهر له أي تأكيد في السياسة الخارجية الموريتانية طيلة الفترة التي مارس فيها الرئيس الأمريكي السابق ضغوطه لتوسيع قاعدة المطبعين.