ذكرت صحيفة "الجمهورية" أنه بعد أن قام المجلس الدستوري بإبطال جزئي لخطة الكهرباء، في قرار اشبه بالصفعة القوية لهذه الخطة، مكّن من خلاله المعارضة الخجولة في مجلس النواب، من تسجيل هدف موجع في مرمى الحكومة، التي القى عليها هذا الإبطال عبئاً اضافياً وثقيلاً قد يكون من الصعب عليها تحمّله، او تعويضة بصيغة بديلة تعوّض عليها هذه الخسارة التي لم تكن تتوقعها.
وعن هذا "الإبطال الكهربائي" قال مرجع قانوني لـ"الجمهورية": "لا يمكن قراءة قرار المجلس الدستوري من خلال ما ورد في فقرته الحكمية على أهميته بإبطال الاستثناء من أحكام قانون المحاسبة العمومية لصفقات تلزيم معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم للدولة اللبنانية، في مراحل إتمام المناقصة، لما قيل انّها احكام لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها".
ولفت المرجع الى انّ "إبطال هذا الاستثناء غير الواضح وغير المحدد هو تحصيل حاصل، عملاً بقاعدة تقليدية معروفة بأنّ القوانين وُضعت لتُطبّق احكامها بشمولية، ويُعمل بها من قِبل الجميع عملاً بمبدأ المساواة امام القوانين وسائر المبادئ والقواعد الدستورية ذات الصلة.
على انّ الأهم من إبطال الاستثناء، هو انّ المجلس الدستوري وضع في بناءاته لما توصل اليه، مجموعة ضوابط للقانون الذي طُلب منه إبطاله، ولو بصورة غير مباشرة وبشكل الردّ على دفوعات الإبطال:
- اولاً، لا يمكن فصل القانون المطعون فيه عن القانون رقم 462/ 2002 تنظيم قطاع الكهرباء، ولا عن قانون المحاسبة العمومية، الذي اصبح بموجب هذا القانون قاعدة لكل التلزيمات المتعلقة بتنظيم قطاع الكهرباء، يُطبّق عليها كما النصوص القانونية ذات الصلة وفي مقدمها نظام المناقصات، هذا يعني ان كل صفقات تنظيم قطاع الكهرباء باتت، وبنص قانوني صريح، خاضعة لإدارة المناقصات.
- ثانياً، لم يكتف المجلس الدستوري في بناءات قراره بالقول بالخضوع الكامل لصفقات تنظيم قطاع الكهرباء للهيئات الرقابية وقانون المحاسبة العمومية، بل راح في الصفحة (4) يعدّد هذه القواعد لناحية الإعلان والأصول المتعلقة بدفاتر الشروط الخاصة الخاضعة بالكامل لتدقيق إدارة المناقصات وطريقة اجراء المناقصات والجهة التي تجريها وهي إدارة المناقصات. وكلها أمور كانت وزارة الطاقة تنكر على إدارة المناقصات، حتى مرحلة ما بعد إقرار القانون حق إجرائها، او التدقيق فيها. فجاء قرار المجلس الدستوري ليؤكّد على الصلاحيات الشاملة لادارة المناقصات وكأنّه يحسم أي نزاع بين الوزارة والهيئة الرقابية سلفاً قبل حصوله.
- ثالثاً، اكّد المجلس الدستوري في الصفحة (5 -6) من قراره انّ وزارة الطاقة مُلزمة عند وضع دفتر الشروط الخاص بالصفقة باعتماد الأسس التي يحدّدها قانون المحاسبة العمومية والنصوص ذات الصلة المتعلقة بأصول التلزيم، وبالتالي خضوع دفتر الشروط الذي تعدّه الوزارة وفنيوها ومستشاروها واستشاريوها للتدقيق الشامل من قِبل إدارة المناقصات وفقًا للمنصوص عليها في المادة 17 من نظام المناقصات".
ولفت المرجع، الى انّ "اهمية قرار المجلس الدستوري، هي في إعادة كل مناقصات تنظيم قطع الكهرباء الى كنف قانون المحاسبة العمومية ونظام المناقصات وإدارة المناقصات"، الا انّه تساءل في ختام تقييمه: هل سيُطبّق القانون 129 تاريخ 30 نيسان 2019 وفقًا للقواعد والضوابط التي أوردها المجلس الدستوري في قراره رقم 20 تاريخ 3-6-2019؟ ام سنكون امام استمرار لمسرحية قديمة تقوم على مخالفة القانون بحجة المصلحة العامة او السرعة او العجلة؟".
المصدر: الجمهورية