اعتبر رئيس تجمع رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم الدكتور فؤاد زمكحل، في بيان، اننا "نعيش مؤخرا وضع إنهيار لبنان الإقتصادي والإجتماعي والنقدي، والتقني والامني والتدميري وغيرها من الإنهيارات، لكن هذه المرة أود تجزئة (أو تقسيم) هذه الإنهيارات إلى ستة أجزاء أو أركان أو ركائز، ليس للبكاء على الأطلال، ولا لجلد أنفسنا، ولكي لا نكون محبطين، إنما نريد من خلال تجزئة مشكلاتنا وأركان هذه الإنهيارات، أن نفهم أكثر الأمور، ونفكر على نحو أكبر إستراتيجيات عملية كي نعمر ما دمر، ولا سيما ما يدمر يوميا، وكيف نستطيع البناء مجددا؟".
وقال: "لنبدأ من الركيزة الأولى التي كانت ركيزة أساسية لإقتصادنا وهي تعثر القطاع المصرفي الذي يشكل 12% من الناتج المحلي (هنا لن أستخدم كلمة إنهيار القطاع). لا أريد أن أرمي حجرا أو أن أدافع عن القطاع المصرفي اللبناني، لكن أريد ان اذكر: ان القطاع المصرفي في لبنان كان ركيزة أساسية لإقتصادنا، وقد مول الزراعة، الصناعة، السياحة، الخدمات، جذب إستثمارات من الخارج. واقع الحال، إن تعثر القطاع المصرفي اللبناني وخسائره التي تقدر نحو 70 مليار دولار يعني تعثر الإقتصاد، كما أن إنهيار القطاع (لا سمح الله) يعني إنتهاء الودائع وسائر القطاعات، بإعتبار أنه من الصعب جدا إعادة بنائه، في هذا الوضع الراهن. لذا، نحن خسرنا ركيزة أساسية التي هي القطاع المصرفي اللبناني، حيث كنا نتباهى به جميعا منذ عشرات السنين، في العصر الحديث، بأنه من أهم القطاعات المصرفية في المنطقة والعالم. لكن لسوء الحظ، يدفع هذا القطاع المصرفي ثمن الأزمات المتتالية. علما أنه يجب أن يقوم بإعادة هيكليته الداخلية، لكن أكرر إن تعثر القطاع المصرفي اللبناني يعني تعثر الإقتصاد اللبناني".
اضاف: "الركيزة الثانية الأساسية، وهي التي تتعثر يوما بعد يوم وهو القطاع السياحي، إذ أردنا بناء وطن يحتوي على الفنادق الكبرى والمطاعم الفاخرة، والتي تظهر حبنا للحياة، لكن لسوء الحظ، إن القطاع السياحي، الذي يمثل أكثر من 6% من الناتج المحلي، وصل إلى مرحلة الإقفال، بعدما مر بمرحلة العناية الفائقة خلال السنوات الماضية، لكن اليوم لسوء الحظ بات في مراحلة النهائية من العناية الفائقة حيث ينتقل إلى مرحلة الإقفال".
وتابع: "الركيزة الثالثة هي القطاع الصناعي الذي يغطي نحو 7% من الناتج المحلي، وهو قطاع يمول ويتمول، ويوظف، وينمو، ويصدر المعرفة والسلع. القطاع الصناعي يساعده إقتصاد متمول، وليس في ظل عدم إستطاعة أصحاب المصانع شراء المواد الأولية للبنان. اليوم القطاع الصناعي يتراجع، فإذا تعطلت ماكينة صناعية، لم يعد بمقدور صاحب المصنع إصلاحها وإعادتها إلى العمل (أو تغيير قطع قديمة وإستبدالها بحديثة). وهكذا نشهد إقفال العديد من المصانع والمعامل في لبنان".
وقال: "الركيزة الرابعة هي تراجع الحريات في لبنان. كلامي خطير جدا، فنحن نقلع عن النظام الحر بالفكر وحرية الإدلاء بالرأي، حيث كنا لؤلؤة الشرق الأوسط، مما بات يخيف شبابنا. فإذا إنتقلنا من النظام الحر إلى النظام البوليسي فإن ذلك يخيفنا جدا ويعدم الثقة ببلدنا. أكرر لبنان بلد الحريات، لكن ليست الحرية المتطرفة أو البلد البوليسي الذي نعيشه في يومياتنا، إنما نتمسك بطريقة عيش الحرية من دون أن نخاف من الجزاء مقابل الإدلاء بآرائنا. لدينا شبه إنهيار بالحريات، لكن لن نقبل أن تنعدم هذه الحريات".
واردف: "نحن اليوم حجرنا في بيوتنا جراء كورونا (كوفيد-19) لكن لا نستطيع أن نحجر على صعيد حرياتنا الشخصية وحرية الإدلاء بآرائنا. نحن نضع الاقنعة على وجوهنا كي لا ننقل الوباء إلى آخرين، لكن لا نستطيع أن نضع الأقنعة كي لا نقول الحقيقة كما هي، أو كي لا نفكر بحرية. فوباء قمع الحريات هو أخطر من وباء كورونا".
وأشار الى ان "الركيزة الخامسة هي إنهيار الصفقات، إذ كنا نعيش مرحلة توزيع الحصص والمشاريع والأرباح، لكن لا أحد موجودا عند توزيع الخسائر. عندما توقف تمويل المشاريع من بعض الدول المانحة فهذا يعني سيكون لدينا توزيع أرباح وحصص للسياسيين أقل وأقل، وهذا يعني أن أكثرية المسؤولين الذين بنوا سياستهم وأتباعهم على تمويل المشاريع، وقد إنهارت هذه المشاريع، لذا فإنها لن تعود بالطريقة عينها. هذا يفسر أنه مثلما كانت لدينا مرحلة توزيع هذه المشاريع، فقد إنتقلنا الآن إلى مرحلة توزيع الحصص. يعني العقلية عينها لا تزال كما هي. فهناك من يعتقد أنه "إذا كنا لا نستطيع توزيع المشاريع فإننا سنوزع الحصص والمكاسب، بإنتظار عودة المشاريع من خلال مؤتمر "سيدر" وغيره من المساعدات الدولية كي نعود إلى توزيعها". من يفكر بهذه الطريقة من المؤكد أنه واهم، لأن المجتمع الدولي والتمويلي لن يعود إلى الوقوع بالأزمة نفسها. ونحن كلبنانيين سنقوم بتذكيره وتنبيهه من الوقوع بهكذا مأزق مجددا. وهذا يعني أنه سيكون هناك تغيير كبير بالنهج القائم، لأن هناك قسما كبيرا من السياسيين الذين كانوا يتمولون من المشروع، وقد وزعوا الأرباح، لكنهم لم يوزعوا الخسائر، إذ إن هناك مشاريع خاسرة. لذا إن المطالبة من قبل السياسيين بزيادة رواتب القطاع العام، ليس محبة بإخوتنا الموظفين في القطاع العام، بل لأنه لم يعد بإستطاعة هؤلاء السياسيين أن يمولوا أو يتمولوا من طرق أخرى. لذا إن إنهيار التمويل الفاسد سيكون له إرتدادات، وسنسمع عنها تباعا".
وعن الركيزة السادسة والأخيرة، قال زمكحل: "هي الانهيار الامني وتفجير ما تبقى من الاقتصاد والشركات والثقة. ان تفجير المرفأ كان الضربة القاضية وانهيار الركيزة الاخيرة وهي انفتاح لبنان عبر البحر المتوسط لتصدير واستيراد السلع ولتوريد النجاحات".
وختم: "في المحصلة، ان هذه الفاجعة الكارثية ضربت كل ما تبقى من كل القطاعات من دون استثناء، القطاعات التجارية، والصناعية والسياحية والخدماتية والزراعية والاستشفائية والمالية، فبعد انهيار الركائز الخمس التي تحدثت عنها ها نحن نواجه قنبلة نووية صنعها الفساد وعدم المحاسبة وسوء الادارة لتدمير الحجر الاخير وهو احلامنا ومرونتنا وحبنا للحياة".