المجلس البلدي في القرى عبارة عن خلطة متجانسة
لم تكن هذه البلدة الشوفية تعلم بأنّها ستكون على موعدٍ مع أعجوبة طبيعيّة فريدة ترفعها من رتبة بلدة عادية إلى معلمٍ سياحي أشبه بعالم خيالٍ ساحر. فكفرحيم، تلك البلدة الهادئة والمسالمة، تحوّلت بفعل مغارتها الإستثنائيّة إلى مقصدٍ دائمٍ للسياح والمستكشفين الذين يقفون مدهوشين أمام روعة هذه اللوحة الفنية. ولأنّ السياحة مهمّة جداً للبلدة، ولأن تنشيط القطاعات الحيوية الأخرى مهمّ أيضاً لتفعيل الحركة الإقتصادية بصورة مستمرّة، تستعدّ بلديّة كفرحيم بشخص رئيسها الدكتور نسيب أبو ضرغم لإطلاق سلسلة مشاريع «ذكيّة» ومضمونة من شأنها أن تحدث نهضة اجتماعية وثقافية شاملة للبلدة وأهلها. فـ «الريّس» يطمح إلى توفير مستقبلٍ واعدٍ يليق بشباب كفرحيم المثقفين وذلك رغم التحديّات الكبيرة والعراقيل الكثيرة التي تواجه طريقه. أسرة مجلتنا إلتقت الدكتور أبو ضرغم الذي وضعها في صورة المشاريع الإنمائية التي يستعدّ إلى تنفيذها مستغلاً علاقاته المتينة مع السياسيين كافة، وفي ما يلي أبرز ما دار في اللقاء.
- في البداية كيف تعرّفون عن هذه البلدة؟
كفرحيم هي بوابة الشوف إذا صحّ القول، إرتفاعها عن سطح البحر يتراوح بين 500 و600 متراً. تتمتّع البلدة بمناخٍ معتدل بفعل موقعها الجغرافي المميّز في الوسط بين البحر والجبل بالإضافة إلى طبيعتها الخضراء اللافتة. أمّا الإسم فهو سرياني الأصل وهوعبارة عن كفر أي «الضيعة» وحيم التي إختلفت التفسيرات بشأنها حيث أن البعض يشير إلى أنها تعني الحصن وآخرين يعبترون ان المعنى هو «الحمو» فيما البعض الآخر يفسرها على أنّها «الرحمة».
كفرحيم تشتهر بالزراعة ولاسّيما زراعة الزيتون بالإضافة إلى زراعة الفاكهة والحقيقة ان هذا القطاع يشهد تراجعاً مستمرّاً بفعل تراجع أعداد المزارعين، كما أنه لا يوجد في البلدة مؤسسات صناعية ضخمة وبالتالي فان الحركة الإقتصادية تبقى محدودة جدّاً، علماً أن المقوّمات السياحية تعتبر شبه معدومة بإستثناء مغارة كفرحيم الطبيعية التي وضعت على الخريطة السياحية، من هنا فإن البلدة تعتمد على شريحة الموظفّين والتجّار بالإضافة إلى المغتربين. مع الإشارة، إلى ان الهجرة في هذه البلدة بدأت في العام 1894 مع مهاجرة أوّل الشباب وتلاه 54 آخرين في السنوات العشرين اللاحقة ليصبح بذلك عدد المهاجرين 55 في العام 1914 في الوقت الذي كان عدد السكان يبلغ 400 نسمة فقط، أمّا عدد السكان اليوم فهو يقارب الـ 3500 وأغلبهم من المقيمين. غير أن ما يميّز كفرحيم حقيقةً هو نسبة التحصيل العلمي المرتفعة جدّاً، فأبناؤها هم من حملة الشهادات الجامعية في جميع الإختصاصات.
- ما هي أبرز عائلات البلدة؟
توجد في كفرحيم مجموعة من العائلات، أكبرها هي أبو ضرغم، أبو خزام وأبو غنام، بالإضافة إلى عائلة أبوناصرالدين، سليت، نكد، فرج، أبو جابر، الأطرش، رافع، قسيس، ضو، وغيرها..
- أي مشاريع تحملونها لكفرحيم؟
في الحقيقة أنا بصدد التحضير لمشروع في غاية الأهميّة يشمل القطاع الزراعي ويتعلّق بتربية النحل تحديداً، فالنحل هو سبب بقاء البشر على حدّ قول اينشتاين الذي قال يوماً عندما ينتفي النحل من العالم تموت البشرية. ونحن عقدنا سلسلة اجتماعات بهدف تشجيع هذا القطاع لأنه يعتبر مورداً كبيراً كما أنه لا يحتاج إلى إهتمامٍ كبير، فالعسل هو مادة حيويّة وغذائيّة ذات أهميّة استثنائية بالإضافة إلى أن مردوده المالي كبير، وما على دولتنا الكريمة ووزارة الزراعة سوى أن تبادر إلى إتخاذ بعص الإجراءات البسيطة جدّاً مثل إخضاع العسل إلى الفحوص المخبرية اللازمة لوضع الدمغة الخاصة عليه في حال إستوفى المواصفات والمعايير المطلوبة حتى نتمكّن من تسويقه محليّاً وخارجياً. مع تأكيدنا على ان عسل لبنان هو الأطيب والأغنى من حيث الفوائد الغذائية لأن طبيعتنا غنيّة جدّاً بالنباتات على عكس الدول الأوروبية. للأسف في لبنان العسل هو فعلاً ثروة متروكة.
بالإضافة إلى هذا المشروع، نحن نخطط لبناء ملعب رياضي وقد أصبحت الأرضيّة جاهزة لكننا نحتاج إلى دعم مادي لاستكمال أعمال البناء، فنحن نفكر في الشباب الذين يجدون أنفسهم متروكين لمصيرهم من دون أي لفتة من قبل الدولة للأسف، فهؤلاء في دائرة الخطر، وهنا أتحدث عن خطر المخدرات الذي يداهم مجتمعنا فيما الناس غافلون، فنسبة المتعاطين تشهد إرتفاعاً متزايداً بفعل البطالة المتفشية. من هنا، نولي إهتماماً كبيراً للأندية الرياضية وندعمها معنويّاً وماديّاً قدر المستطاع. كذلك لدي مشروع إنشاء مكتبة، ولو أن ميزانياتنا كبلدية كبيرة لكنّا قلبنا البلدة رأساً على عقب، فالدولة تتخلى عن مسؤولياتها وتتركنا نواجه مصيرنا كما حصل عند أزمة النفايات.
- كيف تعاملتم مع هذه الأزمة؟
لقد كانت معاناة بكلّ ما للكلمة من معنى، فالعمليّة كانت تجري بشكلٍ عشوائي جدّاً، وأنا عندما تسلمت مهامي أجريت عدة لقاءات مع سعادة القائممقام وكنت صريحاً جدّاً حين قلت بأننا لا نملك سوى خيارين لا ثالث لهما، فإما أن نترك النفايات تتراكم في الشارع، وإما نعمل على جمعها في المشاع الذي هو في الأساس صغير المساحة، فنحن أيضاً لا نستطيع تحمل أعباء نقل النفايات إلى معمل سويجاني كما عُرض علينا، إلى ان أتى الحل عبر شركة «سيتي بلو» التي تعاقدنا معها وتكفّلت بجمع نفايات الشوف وعاليه ونقلهم إلى مكبّ الكوستا برافا بتكلفة تقل عن تلك التي كانت تستوفيها «سوكلين»، طبعاً ليس هو الحل الوطني المثالي الذي نطمح له، إنما نحن كبلديّات ليس بمقدورنا فعل أكثر من ذلك.
- كيف تتعاطون مع أزمة النازحين السوريين؟
عندما توليّت مهامي، سمحت لنفسي منح هؤلاء أُذنات إقامة كإجراء إداري إحصائي لنا، كما أنه أيضاً يحميهم بحيث يصبح وجودهم شرعياً، وقد تم تسجيل 1250 نازحاً منذ سنتين. الحمدلله لم تسجل مشاكل لأن غالبية النازحين هم عائلات يستفيدون من العمالة، إنما لا شك ان هذا الموضوع هو بمثابة ثقل كبير على المجتمع اللبناني ويجب معالجته بأسرع وقت.