جدد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع التأكيد أن "أمامنا تحديين في لبنان في الوقت الراهن، الأول على المستوى الاستراتيجي حيث ان المسؤولين الكبار تنازلوا عن القرار الاستراتيجي الأمني والعسكري ولم يعد داخل المؤسسات الدستورية”، داعياً رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الى التصرُّف “اذ عليهما ان يقولا لحزب الله بأنه اذا كان فعلاً حزباً لبنانياً، لا يحق له زج الشعب اللبناني في مخاطر لا يريدها، لأن قرار السلم والحرب هو بيد السلطة الاجرائية والحكومة مجتمعةً، وهذا الأمر لم يحصل حتى الآن للأسف".
ورأى أن "الخطر الثاني الذي يتهدد لبنان هو الخطر المالي الاقتصادي، فالوضع وصل الى درك غير مسبوق حتى في أيام الحرب. نحن في وضع معيشي لا نُحسد عليه أبداً. ولكن الحلول موجودة، فالأزمة بدأت منذ عشرات السنوات وقد استشرفها الخبراء الاقتصاديون. وهذا الطقم السياسي الموجود منذ ذلك الحين وهذه الأكثرية الوزارية لم تستطع تدارك تدهور الوضع، فهل يُعقل أن تخرجه هي نفسها من هذا الوضع؟ فالأمر ليس “داوني بالتي كانت هي الداء”، فمن أوصلوا الوضع الاقتصادي الى هنا من خلال طريقة تعاطيهم لا يزالون في السلطة، فكيف سينقذون الوضع الآن؟ الحلّ الجذري الفعلي والوحيد يكون بأن تقوم الأكثرية الوزارية الحالية بالاستقالة والنزول عن ظهر الأزمة واللبنانيين، نريد حكومة مختلفة وهنا لا أقصد حكومة تكنوقراط بالمعنى التقني، بقدر ما أقول اننا نريد حكومة مختلفة بأوجه مختلفة، تعالج الوضع بمقاربات مختلفة لنصل الى نتائج مختلفة".
وتابع: "فليأتوا بوزراء على شاكلة وزراء القوات أياً كان انتماؤهم، فنحن اليوم حين ننتقد الكهرباء ليس لأن وزارة الطاقة مع التيار الوطني الحر بل لأنه لا يوجد كهرباء، وحين ننتقد الاتصالات ليس لأنها مع تيار المستقبل بل لأن وضعها كما نراه، وبالتالي الحلّ يكون بحكومة مختلفة مؤلفة من أشخاص لديهم المعرفة والتجربة، ناجحين في أعمالهم وكفهم نظيف ومستقيمين، والأهم أن ندعهم يعملون".
كلام جعجع جاء خلال العشاء السنوي للقوات اللبنانية في مقاطعة أميركا الشمالية، الذي أقيم في فندق الشيراتون في مدينة لافال الكندية، في حضور: النائب ستريدا جعجع، أمين سر تكتل الجمهورية القوية د. فادي كرم، النائبان السابقان جوزف المعلوف وطوني بو خاطر، راعي أبرشيّة كندا للموارنة المطران بول- مروان تابت، معتمد شيخ عقل الطائفة الدرزية في مونتريال الشيخ عادل حاطوم، راعي أبرشية الروم الملكيين الكاثوليك في كندا المطران إبراهيم إبراهيم، الاكسرخوس الرسولي للسريان الكاثوليك في كندا المطران مار بولس أنطوان ناصيف ممثلاً بالأب ايلي يشوع، القنصل اللبناني العام في مونتريال طوني عيد، الأمين المساعد لشؤون الانتشار مارون سويدي، رئيس منسقية كندا ميشال القاصوف، رئيس منسقية الولايات المتحدة الاميركية ماجد ضاهر، منسق مركز مونتريال جوزف كرم، ممثلو حزب الوطنيين الأحرار وتيار المستقبل، وحشد من أبناء الجالية اللبنانية والقواتيين من الولايات الأميركية والمقاطعات الكندية، حيث قال: "نحن لسنا خارج لبنان بل نحن في قلبه، لو لم يكن لبنان في قلبكم، لما كنتم أنتم في قلب لبنان. باسم النائب ستريدا جعجع وباسمي، أشكركم لأنكم غمرتونا بلطفكم ومحبتكم واستقبالكم، وكأننا ليس فقط في بلدنا بل بين أفراد عائلتنا وبين أهلنا. صحيح ان رابط القضية يبقى أقوى وأهم من أي رابط آخر، لذا أشكر كل الحاضرين على عاطفتهم، على أمل أن نستقبلكم بالطريقة نفسها يوماً ما في لبنان".
وأضاف: "بالنسبة لكثيرين منكم وجودي بينكم كان حلماً، ولكن بالنسبة لي أيضاً هو حلم، باعتبار ان لبنان منذ أول التاريخ ليس محدوداً بجغرافيا معينة، فمنذ ايام الفينيقيين وقرطاجة وغيرها من المستعمرات الفينيقية، تحولت عبر التاريخ حتى اليوم الى بقع انتشار في كل انحاء العالم، فلم يكن لبنان يوماً محدوداً ببقعة جغرافية، ما نراه اليوم هنا هو لبنان ويا ليت لبنان الحقيقي والأصلي وضعه كلبنان الذي نشهده هنا".
وبعد الترحيب بالحضور، قال جعجع: "البعض يعتقد ان الاغتراب نقمة، لكن عملياً يمكن ان يكون نعمة أيضاً إذا ما بقي لبنان في قلبكم وإمكانياتكم وبالأخص في أصواتكم الانتخابية. فبعد جهد جهيد ونضال لسنوات طويلة أقله عشر سنوات، توصلنا لقانون انتخابي جديد يعطي المغتربين حقهم بالاقتراع في اماكن تواجدهم. هذا انجاز كبير يُسهل عليكم المشاركة في حياتكم الوطنية، ووجودكم معنا الليلة أكبر دليل على تمسككم بلبنان".
وأردف: "نحزن جميعنا على الوضع الحالي في لبنان وننتقد ولكن بكل محبة يمكننا القيام بما هو أفضل، فبالرغم من كل الثغرات لا يزال لبنان دولة ديمقراطية بكل ما للكلمة من معنى، لا يمكن لأحد الوصول الى مجلس النواب إلا عبر الانتخابات وتصويت الشعب له، فبدلاً من الحزن على وضع بلدنا كما هو يمكنكم ان تكونوا فاعلين وان تحدثوا التغيير المطلوب عبر قراءة الوضع في لبنان والتصويت يوم الانتخابات لمن يمثل طموحاتكم، وتأكدوا ان كل ما تحلمون به ممكن ان تحققوه، وقد بات بإمكانكم أن تتسجلوا هنا وفي كل بلدان الاغتراب، وان تنتخبوا يوم الانتخابات، فإذا انتخبتم "صح" يصبح لبنان "صح".
ووجه رئيس القوات كلمة تقدير وشكر للرفيقات والرفاق في أميركا الشمالية "على جهدهم الدؤوب، ولاسيما الأرقام التي تحققت في الانتخابات وسواها من المحطات التي هي دليل على بنية تنظيمية موجودة بفضل رفاق يعملون يومياً لإحداث التغيير".
كما وجّه تحية كبيرة الى طلاب القوات اللبنانية الذين حققوا فوزاً كاسحاً في الانتخابات الطالبية في مختلف الجامعات، وكذلك الى طلاب تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب، "فربما الانتخابات الطالبية ليس لها أهمية بحدّ ذاتها ولكنها تُعطي مؤشراً لاتجاهات الرأي العام، فحين يكتسح طلاب القوات وحلفائها الجامعات، فهذا مؤشر مهم جداً يجب التوقف عنده. طلاب القوات عملوا كثيراً وتحضّروا جيداً وكانت النتائج على قدر توقعاتهم. ولا أخفي عنكم ما حصل هذه السنة في الانتخابات الطالبية من محاولات ترهيب وترغيب، فهل مَن يُصدق انه في انتخابات طالبية يتم الدفع لطالب ليُصوّت باتجاه معيّن؟ لقد قاموا بذلك ولكنهم فشلوا أينما كان. وفي هذه المناسبة، أوجه تحية لكل الطلاب الذين اظهروا بطريقة تصويتهم عن وعي للواقع القائم في لبنان، وعن حرية رأي وضمير، وعن التزام بخير الشأن العام على أفضل ما يكون، فيا ليت الكبار يتمثلون بهم ويتصرفون بنفس الطريقة لكنّا في لبنان في وضع أفضل بكثير من الوضع الذي نحن فيه".
وجدد جعجع التأكيد أن "أمامنا تحديين في لبنان في الوقت الراهن، الأول على المستوى الاستراتيجي حيث ان المسؤولين الكبار تنازلوا عن القرار الاستراتيجي الأمني والعسكري ولم يعد داخل المؤسسات الدستورية”، مستذكراً “حرب تموز 2006 كيف نام اللبنانيون على شيء واستفاقوا في اليوم التالي على حرب، ولكن حينها قام الرئيس فؤاد السنيورة بالتصريح بأنه لم يكن يعلم بما حصل وبأنه غير موافق عليه وفعل ما يمكن فعله لتدارك النتائج السلبية عن اللبنانيين، بينما نحن في الوقت الحاضر ممكن وفي أي لحظة من اللحظات أن يُزج بنا في حرب، ولكن المشكلة ان المسؤولين ما عادوا يملكون القرار بل بات في مكان آخر، اذ بإمكان حزب الله ان يخوض حرباً في المنطقة لا علاقة للبنانيين بها وليست من مصلحتهم. وهذه من اكبر التحديات التي نواجهها حالياً، ومن هنا نأمل ان تمر احداث المنطقة بخير دون تصعيد لنُجنب اللبنانيين هذا الخطر".
ودعا جعجع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الى التصرف "اذ عليهما طرح الموضوع مع حزب الله كموقف، فليقولا لحزب الله بأنه اذا كان فعلاً حزباً لبنانياً، لا يحق له زج الشعب اللبناني في مخاطر لا يريدها، فقرار السلم والحرب هو بيد السلطة الاجرائية والحكومة مجتمعةً، وهذا الأمر لم يحصل حتى الآن للأسف".
ورأى أن "الخطر الثاني الذي يتهدد لبنان هو الخطر المالي الاقتصادي، فالوضع وصل الى درك غير مسبوق حتى في أيام الحرب. نحن في وضع معيشي لا نُحسد عليه أبداً. ولكن الحلول موجودة، لا تنقصنا الدراسات والتحاليل، فالمشكلة ليست على المستوى التقني إنما على المستوى السياسي. فالأزمة بدأت منذ عشرات السنوات وقد استشرفها الخبراء الاقتصاديون. فهذا الطقم السياسي الموجود منذ ذلك الحين وهذه الأكثرية الوزارية لم تستطع تدارك تدهور الوضع، فهل يُعقل أن تخرجه هي نفسها من هذا الوضع؟ فالأمر ليس “داوني بالتي كانت هي الداء”، فمن أوصلوا الوضع الاقتصادي الى هنا من خلال طريقة تعاطيهم لا زالوا في السلطة، فكيف سينقذون الوضع الآن؟ الحلّ الجذري الفعلي والوحيد يكون بأن تقوم الأكثرية الوزارية الحالية بالاستقالة والنزول عن ظهر الأزمة واللبنانيين، نريد حكومة مختلفة وهنا لا أقصد حكومة تكنوقراط بالمعنى التقني بقدر ما أقول اننا نريد حكومة مختلفة بأوجه مختلفة، تعالج الوضع بمقاربات مختلفة لنصل الى نتائج مختلفة".
وتابع: "البعض قد يسأل: كيف ذلك؟ كيف نأتي بحكومة مختلفة؟ والجواب هو ان القصة هي مسألة إرادة سياسية، فهناك مثال أمامهم هو وزراء القوات اللبنانية، فليأتوا بوزراء على شاكلة وزراء القوات أياً كان انتماؤهم، فنحن اليوم حين ننتقد الكهرباء ليس لأن وزارة الطاقة مع التيار الوطني الحر بل لأنه لا يوجد كهرباء، وحين ننتقد الاتصالات ليس لأنها مع تيار المستقبل بل لأن وضعها كما نراه، وبالتالي الحلّ يكون بحكومة مختلفة مؤلفة من أشخاص لديهم المعرفة والتجربة، وناجحين في أعمالهم وكفهم نظيف ومستقيمين، والأهم أن ندعهم يعملون".
واذ شدد على "اننا سنستمر بنضالنا من المواقع التي نحن فيها"، انتقد جعجع "بعض المعقّدين الذين يدعوننا للإنضمام الى المعارضة، وهنا أقول لهم: ماذا تفعلون أنتم في المعارضة؟ كي نصبح اثنان لا يفعلان شيئاً. نحن متمسكون بمواقعنا في السلطة ليس تمسُكاً بها بل لأننا قادرون ان نكون فاعلين ومؤثرين وان نعطي نتائج أفضل لبلادنا على قدر حجمنا في الوقت الحاضر".
وأوضح جعجع موقف القوات اللبنانية من الموازنة قائلاً: "نحن لسنا ضد الموازنات، لا بل على الأقل ان موازنة هذا العام يُعمل عليها في وقتها بالرغم من كل الضغوطات، ولكن لا يمكننا أن نسير بموازنة عادية في وضع غير عادي لأن وضعاً استثنائياً يحتاج موازنة استثنائية، فالأكثرية الوزارية حتى اللحظة ترفض السير بإصلاحات جديّة، فنحن موقفنا من الموازنة متعلق بالإصلاحات التي حضرنا ورقة من 30 بنداً إصلاحياً للخروج من الأزمة، ومن هذه الاصلاحات المطلوبة مثلاً: تبيّن مع لجنة المال والموازنة ان هناك 5300 موظف على الأقل تم توظيفهم بشكل غير شرعي وغير قانوني بعد قانون السلسلة عام 2016، ولنا 4 أشهر في صراع نطالب الحكومة لإيقاف عقودهم، اذ تبيّن أنه مع اقتراب الانتخابات النيابية تقاسمت الأكثرية الوزارية التوظيفات كخدمات ليفوزوا في الانتخابات. والخطوة الاصلاحية الثانية هي المعابر غير الشرعية، فمن ينتظرون لإقفالها؟ يتحججون بحجج عديدة واهية لعدم إقفالها، ان الحكومة ترفض هذا الأمر وتكبّد الدولة خسائر بين 100 و200 مليون دولار. أما الخطوة الاصلاحية الثالثة هي تعيين هيئة ناظمة للكهرباء، اذ لا يوجد حتى مجلس ادارة جديدة لمؤسسة كهرباء لبنان، ولا يريدون تعيين مجلس جديد، كما ان وزارة الاتصالات ليس لها هيئة ناظمة، أتعرفون لماذا؟ لكي يبقى وزراؤهم متحكمين بأمر هذه القطاعات وهذا أمر غير مقبول. لدينا سلسلة اصلاحات لإقرار هذه الموازنة، فإذا كانت الحكومة ترفض السير بها فهذا يعني انها غير جدية لإصلاح الوضع. وموقفنا واضح اذا حصلت الاصلاحات نسير بالموازنة وان لم تحصل فليوفقهم الله بالموازنة التي يعملون عليها".
وختم جعجع: "أنا حزين على الوضع الذي وصل إليه بلدنا، ولكن الحزن لا يُفيد، فما يجب ان نقوم به ولاسيما في الأوقات الصعبة هو العمل أكثر وان نزيد إيماننا، فلبنان بلدنا وهذا لا يعني أنه حين يمرض نتركه على قارعة الطريق بل هو بحاجة لنا الآن أكثر من أي وقت مضى، وأنا أعدكم كقوات لبنانية أن نعمل بما لدينا من وزراء ونواب وان نستمر بالنضال حتى آخر لحظة، وكلّي إيمان أنه “اذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر"، ان نضالنا مستمر لنصل الى البلد الذي نحلم به، وأُذكّر القواتيين:"وقت السلم إيد اللي بتعمر نحنا ووقت الخطر قوات".