لم يعد بإمكان السلطة الحاكمة تبرير عدم انعقاد مجلس الوزراء، للشارع اللبناني الغارق في الازمات، وقد أضيفت الى معاناته مع الفقر والغلاء وتحليق الدولار وفقدان الدواء والقطيعة العربية، في الساعات الماضية، النيرانُ التي زنرت بيوت الناس وحاصرتهم داخل منازلهم وقضت على ما تبقى من الثروة الحرجية...
ولما كان الثنائي الشيعي يصر على ان التخلص من المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، يُعتبر المفتاح "الوحيد" الذي سيفتح ابواب السراي من جديد، ويتيح التئام مجلس الوزراء، ولما كان يؤكد ان الشلل سيستمر طالما البيطار لم يُقبع، معتبرا ان تقليص صلاحياته حتى، غير كاف، تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، ان ثمة ما يُطبخ الآن في الكواليس، لايجاد تخريجة تفرج عن الحكومة.
هي صيغة يعمل عليها، في شكل خاص، رئيسُ مجلس النواب نبيه بري، ويسعى الى تسويقها لدى بعبدا والسراي، تقوم على وسائل قد تقود في نهاية المطاف، الى اطاحة البيطار. السبل القانونية والقضائية، لا يبدو ستوصل الى الهدف الذي يتوخاه الثنائي، بدليل عقمها حتى الساعة. وعليه، فإن بري يبحث الآن بعيدا من الاضواء، عن تسوية تُبدّل في توازنات مجلس القضاء الاعلى بحيث تُصبح "طابشة" لصالح الفريق المؤيد ازاحة البيطار والمعارض لأدائه واستنسابيته. والمطروح هنا، على ما يبدو، هو اجراء تعديلات في اعضائه. حتى ان الاتصالات تدرس ايضا امكانية اجراء تعيينات قضائية جديدة، بما يزيح رئيسَ مجلس القضاء الاعلى رئيس الهيئة العامة لمحكمة التمييز القاضي سهيل عبود من منصبه، فيعيّنَ مجلس الوزراء قاضيا آخر، اكثر طواعية، من بين اسماء يرفعها اليه وزير العدل.
بهذه الخطوة، تتابع المصادر، تتم تعرية البيطار، لان عبود، في نظر الثنائي، يُعتبر الحاضن الاول والحامي الاكبر للمحقق العدلي، سيما وأن وسائل الاعلام "الممانع" وكل من يدورون في فلك هذا المحور، يتهمونه (اي عبود) باحالة دعاوى كف يد البيطار، على قضاة "يمون عليهم".
فهل تكون هذه التسوية، الحل الذي يقبع البيطار في شكل غير مباشر، بعد ان يُقبع معه القاضي عبود؟ حتى الساعة، دون هذا المخرج عقبات كثيرة، ابرزها رفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إقحام مجلس الوزراء في "الوحول" القضائية. لكن مَن يدري، قد يرضى الرجل، ومعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بتجرّع هذه الكأس، لفك أسر مجلس الوزراء واطلاق يديه من جديد، ليُنقذ ما يستطيع إنقاذه من البلاد ووجه العهد، في آخر سنة من عمره، ولو كان ذلك على حساب العدالة والحقيقة...
المركزية