تحت عنوان: "القصة الكاملة لسد المسيلحة في البترون.. هل فشل المشروع؟"، كتبت لميا شديد في "سفير الشمال": أحدث مشهد سد المسيلحة خلال الأيام الماضية وهو خال من المياه، بلبلة لدى أهالي البترون وسجالا بين المعنيين بالملف من وزارة طاقة وهيئات بيئية وناشطين بيئيين.
مشروع سد المسيلحة على نهر الجوز، بحسب وزارة الطاقة هو مشروع يهدف إلى تأمين مياه إضافية للشفة والصناعة. وتُقدّر الكميات التي سيؤمنها مستقبلياً بحوالى 30 ألف متر مكعب يومياً، وهي تشكل الحاجات الإضافية في الأعوام ما بين 2035 و2040. كما يساهم في دعم ريّ مساحة 1500 هكتار من المساحات الصالحة للزراعة والمروية حالياً جزئياً في ساحل البترون من مصادر مياه غير كافية في ساحل البترون وساحل الكورة.
يبلغ إرتفاع السد 35 مترا، بطول 450 مترا وسعته تبلغ ستة ملايين متر مكعب ومن المتوقع أن تنتهي الأعمال به خلال مدة سنتين.
وكانت الوزيرة السابقة للطاقة ندى البستاني قد زارت موقع المسيلحة في السادس من الشهر الجاري متفقدة السد بعد انتهاء الأعمال الإنشائية وبدء عملية ملء البحيرة بالمياه.
وأكدت يومها أن "ثلث السد امتلأ بالمياه، وكل هذا بفضل الشتاء، لافتة الى ان لبنان بحاجة لسدود أكثر لتصبّ مياه الامطار بمكان واحد ويُعاد توزيع المياه على المنازل". واكدت انه "ما من سد يقام في لبنان دون تقييم الاثر البيئي".
كلام البستاني استدعى يومها توضيحا من الحركة البيئية اللبنانية أن "الأعمال في سد المسيلحة قد بدأت في آب 2014 من دون دراسة تقييم للأثر البيئي مسبقة لتنفيذ المشروع وموافق عليها من قبل وزارة البيئة. وبالتالي تكون وزارة الطاقة قد خالفت المادة 21 من قانون حماية البيئة رقم 444/2002 والمرسوم التطبيقي له أصول تطبيق تقييم الأثر البيئي "رقم 8633/2012".
وذكرت الحركة "أنّه بتاريخ 13/8/2014، تقدّمت الحركة البيئيّة اللبنانية بشكوى أمام وزارة البيئة عن أعمال ردم وطمر تجري في سهل المسيلحة الزراعي وتهدد الموقع الأثري، فجاء ردّ وزارة البيئة في 12/9/2014 المرفق ربطاً يفيد بأنّ الوزارة تحرّكت للتحقق ويبين أن الأعمال الجارية في سهل المسيلحة الزراعي هي تنفيذاً لمشروع سد وبحيرة المسيلحة دون إقامة دراسة تقييم أثر بيئي.
وقد توجهّت وزارة البيئة بكتاب إلى الجهات المعنية لتوقيف الأعمال لحين تزويد وزارة البيئة دراسة تقييم الأثر البيئي لمراجعتها واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها عملاً بالقوانين المذكورة أعلاه. إلا أنه وكالعادة، ضربت وزارة الطاقة عرض الحائط هذا الكتاب والإجراءات التي فرضتها وزارة البيئة. واستكملت الأعمال على حساب المناطق الزراعية والمساحات الخضراء والمنطقة الأثرية. وأشارت الى أنّ التمنّع عن إجراء هذه الدراسة مسبقاً وإخضاعها لمراجعة وزارة البيئة عرّضت المنطقة وموقع السد تحديداً إلى أضرارٍ كبيرة على الصعيد البيئي والزراعي والاقتصادي والاجتماعي والتنوع البيولوجي، لم يعد من الممكن اليوم تفادي وقوعها ولا حتى تقدير قيمة هذه الخسارة للتعويض.
علماً أنّ المادة 58 من قانون حماية البيئة 444 تعاقب من نفذ مشروعاً يستوجب دراسة فحص بيئي مبدئي أو تقييم الأثر البيئي من دون إجراء هذه الدراسة مسبقاً أو إخضاعها لرقابة وزارة البيئة والوزارات والإدارات المختصة بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من خمسة عشر مليون إلى مئتي مليون ليرة لبنانية، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وبعد مراجعة الحركة البيئية اللبنانية وزارة البيئة، تبين أن وزارة الطاقة استحصلت بتاريخ 19/12/2019 على موافقة وزارة البيئة على دراسة تقييم الأثر البيئي أي بعد خمس سنوات على بدء تنفيذ المشروع".
وطالبت الحركة البيئية اللبنانية "بمحاسبة وزارة الطاقة والمياه والجهات المعنية بتنفيذ مشروع سد وبحيرة المسيلحة لمخالفتهم القوانين البيئية المرعية الإجراء ولمكافحة الفساد السائد في الدولة وحفاظاً على بيئة وطبيعة لبنان".
بعد الكلام والتوضيح هدأت الأمور على جبهة وزارة الطاقة والحركة البيئية اللبنانية إلا أن غياب المياه من البحيرة تسبب بحرب إعلامية جديدة شاركت فيها مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومنتقد لمشروع السد فيما وصف البعض السد بالمشروع الفاشل.
وزارة الطاقة
وحيال الحملة التي شنت على السد وعلى وزارة الطاقة أوضحت الأخيرة أن “أعمال التجارب في السدّ والبحيرة ما زالت تستكمل، وأن الادارة لم تجرِ لغاية اليوم عملية الاستلام المؤقت كون تنفيذ بعض الاشغال المكمّلة والتجارب الضرورية ما زالت مستمرّة لتاريخه”.
وأكدت أن “المشرف على تنفيذ المشروع، الاستشاري مجموعة ليبانكونسلت (Libanconsult) وكوين وباليه (coyne et bellier) مع ملتزم الأشغال شركة مالتورو (Maltauro) ما زالا يستكملان الأشغال المتبقية بما فيها التجارب اللازمة كتعبئة وتفريغ البحيرة للتأكد من عدم وجود أية شوائب قد تتأتى عن أول عملية تعبئة للسد، كما ومن حسن تنفيذ الأشغال وجودة التجهيزات الالكتروميكانيكية لتأمين الغاية التي نفّذ من أجلها المشروع. "وسوف تستمرّ هذه التجارب على مدى السنتين اللتين تليان الانتهاء من أعمال البناء".
الحركة البيئية اللبنانية
ومن جديد ردت الحركة البيئية اللبنانية على وزارة الطاقة وقالت :”بعد انتشار فضيحة فشل سد المسيلحة في تجميع المياه، أصدرت وزارة الطاقة بياناً تدّعي فيه أنّ "أعمال التجارب في السدّ والبحيرة ما زالت مستمرّة". إنّ ادّعاء الوزارة بعدم انتهاء الأعمال هو عذر أقبح من ذنب. فوزيرة الطاقة السابقة ندى بستاني كانت قد أعلنت في آب 2019 أنّ أعمال المشروع سوف تنتهي في عام 2019، مضيفةً أنّ السد “ستبدأ تعبئته في الشتاء المقبل”، أي في الفترة الحالية. وفي 6 كانون الثاني من العام الحالي، زارت الوزيرة بستاني موقع السد مجدّداً واحتفلت بامتلاء ثلث الخزّان، في استعراضٍ إعلامي مكرّر. وقد فات الوزيرة أنّ معيار نجاح السد لا يقاس بامتلائه في كانون الثاني أو خلال فترة العواصف، إنّما بفائدته خلال موسم الشح".
ولفتت الحركة الى "أنّ تمديد فترة الأعمال في المشروع جاء نتيجة ظهور عيوبٍ كبيرة في الخزّان جعلته لا يمتلئ بأكثر من الثلث، وليس بسبب عدم انتهاء الأعمال كما ادّعت الوزارة. هذا الفشل هو مؤشّر خطير يعيد إلى الأذهان فضيحة سد بريصا الضنيّة الذي نفّذته شركة Batco، الشركة نفسها المتعهّد سد المسيلحة. فبعد أن انتهت الشركة من أعمال سد بريصا عام 2013، فشل السد في تجميع المياه، ما دفع بمجلس الإنماء والإعمار في عام 2019 للقول بأنّ سد بريصا بحاجة للإستكمال، تماماً كما تدّعي الوزارة بخصوص سد المسيلحة اليوم. وقام النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم بالإدّعاء على مجلس الإنماء والإعمار وشركة Batco بشبهة هدر المال العام في ملف سد بريصا".
وطالبت "القضاء بوضع اليد على ملف سد المسيلحة كما فعل بملف سد بريصا. وأكدت أنّ سد المسيلحة الذي دمّر مساحات كبيرة من وادي نهر الجوز التاريخي هو مشروع غير مجدي ويشكّل هدراً للمال العام. فموقع السد بالقرب من المصبّ يجعلهه عرضة لتجمّع الترسبات والوحول وترقيدها خلف الحائط، إضافةً إلى الحاجة لاستخدام المضخات المكلفة لنقل المياه بسبب ضعف الجاذبية. وكانت أعمال المشروع قد بدأت عام 2013 دون إجراء دراسة تقييم أثر بيئي، في مخالفة صارخة للقانون".
وختمت الحركة: "لقد انضمّ سد المسيلحة للائحة السدود الفاشلة في لبنان، فهل تستمرّ وزارة الطاقة بسياسة السدود العشوائيّة ذاتها؟ ومن يحاسب الوزراء المتعاقبين على وعودهم الفارغة ومشاريعهم المدمرة ؟".
أمام ما يحصل ميدانيا على الارض في موقع السد وحيال السجال المستعر بين البيئيين ووزارة الطاقة تبقى الأنظار متجهة الى السد عند قلعة المسيلحة لمعرفة حقيقة ما حصل بعد امتلاء البحيرة بثلث قدرة استيعابها من المياه ومن ثم اختفاء المياه منها على أمل أن يحقق السد الهدف الذي أنشئ من أجله.
المصدر: لميا شديد - سفير الشمال