استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مساء اليوم في الصرح البطريركي في بكركي، وفدا من "مجموعة ارض السيادة والحرية والاستقلال" المنبثقة عن "ثورة 17 تشرين الاول 2019".
وتوجه الوفد بكلمة الى الراعي جاء فيها: "في خضم كل هذه المآسي التي يمر بها الوطن، كان لا بد لنا من زيارة هذا الصرح الوطني الذي لطالما شكل العمود الفقري الذي يحفظ ديمومة لبنان ويحميه من العواصف. سيدنا، نحن مجموعة من اللبنانيين الثوار في الوطن والمهجر، يجمعنا هم الوطن وأبنائه، ونتواصل ونعمل ليل نهارا بحثا عن السبل الأفعل لدرء العواصف ودعم ثوار الداخل ومد اللبنانيين بالأمل.
أتيناكم أولا لإعلان كامل تأييدنا لمواقفكم الوطنية، وبالأخص في طرحكم حياد لبنان ودعواتكم لتحرير الشرعية الوطنية واستعادة الدولة. فوطننا، يا غبطة البطريرك، يقف اليوم على مفترق طرق خطير، ونشكر بكركي التي تشكل خشبة الخلاص وملاذ المواطن اللبناني بتعدديته، بعدما فقد ثقته بالطبقة السياسية التي لم تنجح سوى في إفلاس البلد وايصاله إلى الهلاك حتى أصبح لبنان دولة فاشلة.
فبين أزمة مالية واقتصادية يئن تحتها المواطن، وأزمة صحية طارئة على العالم، وأزمة سياسية أوصلتنا إلى حائط مسدود، وأزمة ضمير مفقود لدى معظم أهل السياسة المؤتمنين على مصير البلاد والعباد، وبين مشاكل لا تعد ولا تحصى تضرب بنا من كل حدب وصوب، وبعد أربعة أشهر على جريمة تفجير مرفأ بيروت الذي هدم نصف العاصمة وشرد آلاف العائلات وأوقع مئات الضحايا وآلاف الجرحى، جريمة موصوفة تسبب فيها إهمال السلطة الفاسدة المشغولة بتقاسم الحصص والنفوذ على جثث مواطنيها.
بين كل هذه المصائب، وبكل أسف نقولها، لم يعد الوطن ملجأ لأبنائه، بل بات كابوسا يأمل بنوه بالخلاص منه عبر اللجوء إلى الهجرة؛ لا نريد الهجرة لأولادنا، ولن نترك لبنان الرسالة محتل من جهات خارجية.
لذا، أتيناكم سيدنا لنشد على يدكم وندعوكم إلى استكمال ما بدأتم به ومواصلة التشديد على مواقفكم والتشدد فيها والإصرار على المطالبة بتطبيق الدستور والضغط لتطبيق القرارات الدولية التي لا خلاص للبنان من دونها، والمطالبة ايضا بإنشاء لجنة دولية لمكافحة الفساد والإفلات من العقاب، مؤلفة من قضاة لبنانيين ودوليين، وصولا إلى حصر الشرعية والسلاح والقرار الوطني بيد الدولة وحدها. فاستقرار لبنان لا يكون إلا باتباع موقف محايد عن صراعات المنطقة.
نعم لمواقف بكركي الوطنية، لحياد لبنان، لاستعادة الشرعية، للبنان حر من كل هيمنة خارجية، ونعم لأن يكون الصرح البطريركي صوت الثورة وصوت كل لبناني حر لدى المجتمع الدولي وعواصم القرار. فنحن على استعداد تام للمساعدة والتعاون بكل ما يخص تحرير وبناء الوطن، مؤمنين بقيامة لبنان وطن لجميع أبنائه".
الراعي
بدوره رحب الراعي بالوفد وأكد دعمه الدائم لمحاربة الفساد، وذكر ب"اللقاءات العديدة التي نظمت مع الثوار وحلقات الحوار التي أُقيمت حول الدولة المدنية وحول حياد لبنان الناشط"، ولفت الى أن "موضوع الحياد أثار كل هذه الضجة، لأن اللبنانيين وجدوا فيه هويتهم وحقيقية لبنان، لأن الحياد هو المدخل للاستقرار ولحل المشكلات والصراعات".
وقال: "لكل هذه الأسباب قمت بإعداد مذكرة لبنان والحياد الناشط التي تشرح معنى الحياد الذي دعوت اليه، فلبنان نشأ دولة مدنية حيادية فاصلة للدين عن الدولة، ولطالما كانت نموذجا للشرق والغرب ووطن رسالة كما قال البابا القديس يوحنا بولس الثاني".