إضرابات في النهار وجلسات حكومية لوضع ميزانية تقشفية في الليل- بل حتى بعد منتصف الليل. ينام اللبنانيون ويصحون على هذا الحال منذ دق المسؤولون ناقوس الخطر خوفاً من "ضياع" أموال "سيدر".
وفي ظل بلوغ العجز المالي 11.2% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي بالمقارنة مع 6.1 %في العام الذي سبقه، وتشكيل الدين نسبة 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وتراجع احتياطي النقد الأجنبي إلى 39.7 مليار دولار، أي ما يكفي لتغطية واردات 13 شهراً، هل من أمل حقاً؟
تقدّم كبير
من جهته، أكّد وزير المالية، علي حسن خليل، أنّ مجلس الوزراء أحرز تقدما مهما في مناقشات الموازنة وإن العجز فيها سيكون 8.3% من إجمالي الناتج المحلي، أو أقل.
وأضاف خليل في ختام اجتماع لمجلس الوزراء أمس الأحد: "وصلنا إلى نتيجة مشجعة ومهمة.. كنا نتحدث عن تخفيض بنسبة 8.7% ونتيجة القرارات الإضافية التي رفعت الواردات، وصلنا إلى تخفيض أكبر وصل إلى 8.3%"، مشيراً إلى أنّ العجز سيكون أقل من 9% من إجمالي الناتج المحلي، وأن المسودة تشمل توفير نحو تريليون ليرة (663 مليون دولار) من تكاليف خدمة الدين.
كما أكّد حسن خليل أن الحكومة تعتزم تقليل تكاليف خدمة الدين من خلال إصدار سندات خزانة بفائدة 1%.، لافتاً إلى أنّ "خفض تكلفة خدمة الدين سيتم، بالتنسيق مع البنك المركزي والمصارف، بمجرد إقرار الموازنة".
ماذا تقول الأرقام؟
حذّرت وكالة "رويترز" من أنّ لبنان قد يجد صعوبة في إعادة تمويل ديون كبيرة بالعملة الصعبة تستحق هذا العام.
ورجحت الوكالة تفادي التخلف عن السداد في المدى القصير "عن طريق مناورة حكومية تشمل مشاركة البنك المركزي والبنوك المحلية"، "لكن ذلك لن يكون سوى حل مؤقت على الأرجح".
وفي هذا السياق، كشفت الوكالة أنّ صناديق أجنبية عديدة قالت إنها ستكون مترددة في شراء سندات دولية لبنانية جديدة إلى أن تنتهي من تقييم الإصلاحات.
وتابعت الوكالة بأنّ إقدام المستثمرين على شراء سندات الدين الجديدة الضرورية لتلبية الاستحقاقات المالية دولية تحل الأسبوع القادم ثم في تشرين الثاني بات على المحك، مشددةً على تأثير اضطرابات الأسواق الناشئة تزامناً مع تفاقم النزاع التجاري الأميركي-الصيني وتصاعد التوترات الجيوسياسية المتعلقة بإيران.
وأوضحت الوكالة أنّ عملية وضع الميزانية رفعت تكلفة التأمين على الديون في الفترة الأخيرة إلى أعلى مستوياتها منذ 22 كانون الثاني، وذلك عندما كان البلد يكافح لتشكيل حكومة.
وفيما لفتت الوكالة إلى أنّ الحكومة ستسعى إلى حل للدين الأقرب استحقاقا، والمتمثل بسندات دولية قيمتها 650 مليون دولار تحل اليوم (20 أيار)، نقلت عن مصدر مطلع قوله إن لبنان "يستطيع سداد مستحقات المستثمرين في هذه السندات عن طريق معاملة صرف أجنبي مع البنك المركزي"؛ علماً أنّه سبق أن استخدمت الحكومة هذا النهج غير التقليدي لتمويل عجز الميزانية.
ونقلت الوكالة عن مصرفي مطلع قوله: "من المرجح أن يخصم البنك المركزي شهادات إيداع مقومة بالدولار لكي تكتتب فيها البنوك في مقابل شرائها سندات محلية طويلة الأجل. وبالتوازي مع ذلك، سيجري البنك المركزي مبادلة مع وزارة المالية، الجهة المصدرة للدين الدولي".
كان وزير المالية قال من قبل إن الحكومة تطمح لإصدار سندات دولية في نطاق 2.5 مليار إلى ثلاثة مليارات دولار في 20 أيار لتغطية هذا الاستحقاق واستحقاق آخر للعام 2019، عبارة عن إصدار حجمه 1.5 مليار دولار يحل أجله في تشرين الثاني.
وكان مصدر مطلع قال إنّ لبنان قد ينتظر إلى أن تتحسن شهية مستثمري الأسواق الناشئة وتتفق الحكومة على الميزانية، إذ تستهدف الحكومة بيع نحو 20 بالمئة من الإصدار الجديد إلى المستثمرين الدوليين.
من جهته، قال جاربيس إيراديان، كبير اقتصاديي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد التمويل الدولي، "استحقاقات السندات الدولية هذا العام سَتُلبى عن طريق إصدار مزيد من السندات الدولية. عليهم أولا إرسال إشارة قوية إلى السوق بالموافقة على إجراءات مالية صارمة".
بدوره، قال نسيب غبريل، كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس، إن لبنان لا يواجه مخاطر على صعيد تمويلات العملة الصعبة هذا العام لأن البنك المركزي ملتزم بتغطية تلك المتطلبات.
في المقابل، نبّهت الوكالة من أنّ إعادة التوازن قد تكون صعبة في ظل نمو اقتصادي هزيل، حيث خفض "جيه.بي مورغان" توقعاته للنمو إلى 1.3 % في 2019، محذرا من "مخاطر كبيرة" تحيط بالإصلاحات المالية.
المصدر: وكالات - رويتزر