لم تكتمل بعد شروط التسوية التي تنتظرها شركات مقدمي الخدمات، التي تعاقدت معها الدولة اللبنانية لتسيّر المرفق العام بشروط أفضل من تلك التي كانت تقوم بها مؤسسة الكهرباء قبل العام 2012. وللمفارقة، فإن التسوية تهدف إلى إخراج الشركات وإدارة المؤسسة والفريق السياسي الذي يدير وزارة الطاقة، بوصفها وزارة الوصاية على المؤسسة، من أزمة فشل الشركات في تحقيق النتيجة المنشودة.
التسوية نفسها تشهد أزمات، أبرزها عدم موافقة شركة دبّاس، إحدى الشركات الثلاث، على الاستمرار في المشروع، بسبب المشاكل المالية التي أصابتها طيلة فترة التعاقد. ناهيك بالأزمات المتعلقة بالمياومين، والتي تحملت الشركات خلالها أعباء لم تكن بالحسبان. وتأتي معارضة دبّاس (التي تندرج تحت مظلتها شركة نيو) مقابل رضى الشركتين الأخريين، خطيب وعلمي (كا.في.أ) ونزار يونس (بوس)، إذ تصر الشركتان على متابعة العمل.
مفاعيل رفض شركة دبّاس تنعكس على سير عملها، إذ تراجعت وتيرة خدماتها، كما أن رواتب مياوميها تتأخر باستمرار، فضلاً عن تهديد أمنهم الوظيفي في حال الخلوص إلى خروج الشركة من المشروع، "ما يعني بقاء نحو 850 موظفاً دون عمل. وعلى مستوى الشركة نفسها، يؤثر التجديد لها سنة بعد سنة، إذا ما أرادت التجديد دون الارتباط بعقود على مدى 3 أو 4 سنوات، على ثقة المصارف بها، إن حاولت فتح حسابات لها، أو الإقتراض"، وفق مصادر في الشركة لـ"المدن".
ووسط هذه الأزمة، ينشط القائمون على المشروع في وزارة الطاقة على خط سير حلحلة الأزمة، غير أن دبّاس "تصر على الخروج".
في حال الخروج، هل ينتهي مشروع مقدمي الخدمات؟ تنفي المصادر ذلك، إذ "هناك احتمالات عدة للاستمرار، فإما أن تطرح وزارة الطاقة دفتر شروط جديد يتم التعاقد من خلاله مع شركة جديدة، وإما أن تتولى إحدى الشركتين تسيير الأعمال التي تتولاها دبّاس".
لكن للوصول إلى أيّ من الاحتمالات المطروحة، على وزارة الطاقة والشركات انتظار عودة رئيس الوزراء سعد الحريري إلى لبنان، لأن الحلول يجب أن تمر عبر مجلس الوزراء. وحتى تلك اللحظة، ينفذ مياومو دبّاس باضرابات وإعتصامات لقبض رواتبهم وكشف مصير وظائفهم. وأهم ما يريده هؤلاء، وفق المصادر، "عدم التعاقد مع شركة جديدة قبل تأمين وظائف للمياومين. والهدف المنشود هو التثبيت في ملاك مؤسسة الكهرباء. أما التعاقد مع شركة جديدة دون حل أزمة المياومين، فيعني خسارتهم وظائفهم، لأن الشركة الجديدة ستأتي بعمال جدد، أو بأحسن الأحوال سيحافظ المياومون على وظائفهم، لكن بصفة مياومين، أي أن الأزمة ستستمر".
وقوع المياومين في هذه الأزمة، يسلط الضوء على التخبط الذي أدخلوا أنفسهم فيه، أثناء خوضهم معركة التثبيت. فبعض المياومين، وفق المصادر، "استفاد من مراكز ورواتب مالية مرتفعة، دون ممارسة أعمال معينة، لقاء الضغط في اتجاه إقناع المياومين بعدم إجراء امتحانات مجلس الخدمة المدنية، وإقناعهم بضرورة بقاء مقدمي الخدمات. وكانت النتيجة أن مياومي دبّاس وقعوا في الفخ، فلو خضعوا سابقاً لامتحانات التثبيت، لكانوا ضمنوا مراكزهم بغض النظر عن بقاء دبّاس أو التعاقد مع غيرها. مع العلم أن في امكان هؤلاء المياومين في حال تثبيتهم، القيام بأعمال دبّاس، بإسم مؤسسة الكهرباء، دون الحاجة إلى التعاقد مع أي شركة. لكن، يبقى البحث قائماً في شأن المستفيدين من بقاء المشروع".
وما يدعم فكرة وجود شواغر، ووجود إمكانية تثبيت المياومين، هو "قيام شركة ترايكوم، وهي شركة تؤمن خدمات لمصلحة مؤسسة الكهرباء، بتوظيف عدد من المياومين في المعامل".
ينتظر المياومون أسبوعاً لتتّضح الأمور، "فخلال أسبوع يفترض أن تظهر بوادر عودة الحريري، سواء أكان سلباً أم إيجاباً". لكن في انتظار ذلك، "لا ترجيح لخيار على آخر، فكل الاحتمالات مفتوحة، والشركة تدرك ذلك، وتلجأ مراراً الى اعطاء إنذارات لمياوميها، تمهيداً لصرفهم، كي تحمي نفسها قانونياً، وإن لم تلجأ إلى الصرف بعد الإنذار مباشرة".