افتتح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة المؤتمر الدولي السنوي الرابع عشر للبورصات العالمية "World Exchange Congress 2019" الذي استضافته بيروت في فندق فينيسيا، تحت عنوان "رؤية جديدة لأسواق التداول" Trading venues Re-imagined، وقد شكل منصة دولية جمعت ممثلين عن كبرى البورصات العالمية وهيئات الأسواق المالية وغرف المقاصة ومتخصصين في مجال التكنولوجيا الرقمية وفعاليات اقتصادية ومصرفية بارزة، بهدف مناقشة أحدث التقنيات والاتجاهات العالمية في الأسواق المالية.
ويتمحور المؤتمر حول أهمية "تحديث منصة التداول ومواكبة العصر"، لا سيما مع ظاهرة توجه الأسواق المالية نحو تنويع مصادر الدخل واعتماد أحدث التقنيات، وبالتالي استقطاب عملاء جدد. كما يركز المؤتمر على دور الأسواق المالية وتأثيرها على النمو الاقتصادي، والتحديات التي تواجهها في ظل تطور أنظمة التسوية والدفع وخدمة البيانات والابتكارات التكنولوجية الجديدة Fintech.
سلامة
ومما جاء في كلمة سلامة: "يسعدني أن أرحب بكم في مؤتمر البورصات العالمي الرابع عشر الذي تستضيفه هيئة الأسواق المالية في لبنان. إن هذه التظاهرة الاقتصادية التي تَشهدها بيروت إنما تعكس مدى الثقة العالمية بالأسواق اللبنانية والدور الذي تلعبه في المنطقة".
وطمأن إلى "أن الهدوء عاد ليخيم على أسواقنا بعد تشكيل الحكومة، فشاهدنا ارتفاعا في أسعار الـ Eurobonds وعاد مردود هذه السنوات إلى نحو 9,50% بعدما كان قد بلغ بين 11 و 12%، كما تراجعت كلفة التأمين لفترة خمس سنوات إلى 7% بعدما كانت قد ارتفعت إلى 9% وأكثر". وقال: "إن الهيئة مستعدة لترجمة المبادرات إلى نتائج ملموسة، وإلى دعم القطاع المالي وقطاع المعرفة.
وينطلق المؤتمر اليوم وقد هيأت الأرضية وتسارعت عجلة العمل الجدي لتطوير الأسواق المالية وتعزيز حماية المستثمر. وانطلاقا من هذه المبادئ الراسخة التي وضعتها هيئة الأسواق المالية نصب أعينها منذ إقرار القانون 161 الذي أنشئت بموجبه، كان العمل الدؤوب على إيجاد الأطر التشريعية، والذي أفضى، بالتعاون مع البنك الدولي، إلى إصدار الأنظمة التطبيقية للهيئة، التي تمحورت حول سلوكيات السوق وسلوكيات العمل كما الترخيص والتسجيل والإدراج وهيئات الاستثمار الجماعي، مع مراعاة أفضل المعايير والتوجهات العالمية في هذا المجال، بحيث تحفظ مكانة لبنان على خارطة العولمة المالية".
وأضاف سلامة: "في إطار التعاون الدولي أيضا، استكملت الهيئة جهودها الرامية إلى توطيد العلاقات مع الأجهزة الرقابية الإقليمية والدولية، فانضم لبنان إلى المنظمة العالمية لهيئات الأوراق المالية IOSCO كعضو مشارك، كما وقعت الهيئة مع جهاتٍ محلية، إقليمية ودولية (فرنسية وروسية وألمانية وقبرصية وإماراتية وعمانية وتونسية ومصرية وقطرية) مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون عدة. وتهدف هذه المبادرات إلى تحديد أطر التنسيق والمساعدة الفنية عند الحاجة، وتبادل المعلومات بما يعزز الثقة بالأسواق اللبنانية حتى تصبح أكثر جاذبيةً للمستثمرين اللبنانيين والأجانب وتثبت مكانة لبنان كمركز مالي هام في المنطقة".
وتابع: "أما على الصعيد المحلي، واستنادا إلى ما ينص عليه القانون، فنحن بانتظار أن تقر الحكومة اللبنانية تخصيص بورصة بيروت، إذ إن أبرز العناصر لتطوير أسواق رأس المال تكمن في وجود بورصةٍ فاعلة وناشطة، وتعزيز عملها حتى تستقطب شركاتٍ جديدة، على أن تتركز فيها عمليات العرض والطلب على الأدوات المالية بشكل شفاف ومتواصل، قوامه أنظمة وقواعد واضحة المعالم بهدف الحد من مخاطر التلاعب في الأسعار".
وقال: "في سياقٍ متصل، تتابع الهيئة عملية استدراج العروض لخلق منصة تداولٍ الكترونية تتيح للشركات الناشئة بصورة خاصة إمكانية إيجاد مصادر تمويل متوسطة وطويلة الأجل لتطوير نشاطاتها، مما ينعكس حتما زيادةً في الرسملة، ويساعد على إدراج الشركات ونقلها من ملكية خاصة إلى ملكية عامة".
واعتبر سلامة أن "هذه المنصة تشكل وسيلة تداول قانونية وشفافة للمؤسسات سواء كانت محليةً أو أجنبية، وتشارك فيها المؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة والمصارف والمكاتب العائلية المختصة بإدارة الثروات الخاصة وغيرها. كما يمكن لهذه المنصة، باعتبارها إلكترونية، أن تشكل عامل استقطاب لاستثمارات اللبنانيين في الخارج، فتزيد من جهة السيولة في السوق المحلي والرأسمال المخصص للاستثمار وتطوير المؤسسات، فيما تخفف من جهة أخرى مديونية المؤسسات".
وختم: "في ظل ما شهدته المنطقة المحيطة بنا بشكل عام، ولبنان بشكل خاص، من تحديات انبثقت عنها مواجهة اقتصادية ونقدية كبيرة فرضت علينا تضافر الجهود، لا يسعني إلا أن أؤكد استعداد هيئة الأسواق المالية لترجمة المبادرات كافة إلى نتائج ملموسة وحشد الإمكانيات دعما للقطاع المالي وقطاع المعرفة اللذين يشكلان أهم الأسس التي يرتكز عليها الاقتصاد اللبناني، مما سيفعل النمو ويخلق فرص عمل جديدة للشباب اللبناني".
صفي الدين
وكانت كلمة لنائب رئيس هيئة الأسواق المالية في لبنان فراس صفي الدين، أشار فيها إلى "أهمية انعقاد المؤتمر في لبنان، الذي يسعى إلى تطبيق خارطة طريق اقتصادية تعكس التزام الأسرة الدولية تجاهه من خلال مؤتمر "سيدر"، وهذا ما يعتبر فرصة سانحة لأسواق الأوراق المالية".وأضاف: "لقد حان الوقت للانتقال نحو نظام مالي أكثر اتزانا، لا سيما بعد ارتفاع عملية تمويل الدين من خلال المصارف، وصعوبة وصول الشركات إلى الرأسمال المطلوب". ورأى في المؤتمر "مجالًا لتبادل الخبرات وتحويل السوق من سوق قائم على المصارف إلى سوق قائم على رأس المال".
رياشي
وقدم الرئيس التنفيذي رئيس مجلس إدارة مصرف FFA Private Bank جان رياشي، مداخلة بعنوان "خطوات نحو الأمام"، اعتبر فيها أن "لبنان مدعو إلى تطبيق الخطط والإصلاحات الضريبية والهيكلية والبنيوية، خصوصًا في ظل ما يعانيه من ديون وعجز وبنى تحتية قديمة وأزمة لاجئين". وطالب الحكومة بـ"التركيز على الأسواق المالية لتحسين السيولة، الاستثمار في البنى التحتية، تحسين الحوكمة وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص"، معربًا عن تفاؤله "للآفاق المستقبلية للبنان، لا سيما أن البيان الوزاري يركز على الإصلاح".
عسلي
وتحدث رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمصرف Cedrus وCedrus Invest Bank فادي عسلي، عن "فرص الاستثمار في لبنان والتحولات الاقتصادية، التي تعتبر من مستلزمات الأسواق المالية وتطور البورصات". وأمل "مع تشكل الحكومة، أن يصار إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية والإصلاحات المالية والضريبية وتصحيح الاختلالات، إلى جانب تسوية الأزمة السورية وأزمات المنطقة، ما يساهم في تعزيز الأفق الاقتصادية ودور المغتربين والقطاع الخاص، لا سيما مع الرؤية الاقتصادية الواعدة وخارطة الطريق التي تهدف إلى استحداث الوظائف ورفع إجمالي الناتج المحلي".
دبس
من ناحيته، عرض مدير الخدمات المصرفية للمؤسسات في مجموعة "بنك عوده" خليل دبس، موضوع "الأسواق المالية اللبنانية وفرصة إعادة الانطلاق"، فأكد "ضرورة إحياء بورصات بيروت التي يحتفل قريبًا بالذكرى المئوية لنشأتها". وقال: "نؤمن أن الخصخصة سوف تؤدي إلى نجاحات في هذا المجال، على غرار شركة طيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان، وكذلك نعول على الشراكة بين القطاعين العام والخاص".
أزهري
وعرض رئيس مجلس إدارة ومدير عام بنك "لبنان والمهجر (BLOM BANK)" سعد أزهري، مسار نمو الأسواق المالية في لبنان، فرأى أن "المؤتمر يشكل فرصة مهمة للبنان الذي شكل حكومة جديدة، والذي من المتوقع أن يبدأ إصلاحات كبيرة دون تغييب التنافسية والحوكمة الرشيدة". كما أن مسألة المضي بتصدير الغاز والنفط سوف تضفي حيوية على السوق اللبنانية"، لافتًا إلى أنه "من الضروري إعادة هيكلة النظام المالي في لبنان وتفعيل دور القطاع الخاص".
طاولات مستديرة
يشار إلى أن المؤتمر سيستعرض على مدى يومين، مداخلات عديدة ضمن الطاولات المستديرة، بينها: آلية "تحقيق النمو والنجاح الاستراتيجي المنظم"، "كيفية تنسيق الجهود بين البورصات المحلية والأسواق المالية والحكومات"، "دور الابتكارات التكنولوجية الجديدة Fintech في المصارف وأسواق التداول".كما وتطرح المحاور "مسألة تمويل الابتكار في لبنان"، "السبل الرئيسية لتعزيز السيولة وتفعيل الأسواق المالية"، "تغير استراتيجيات التداول في الشرق الأوسط"، "التقنيات الجديدة لتطوير الأسواق المالية"، وكذلك "بوادر الاستقرار المالي".
والجدير ذكره، أن المؤتمر سوف يشهد عرض نماذج وقصص نجاح يقدمها المشاركون العرب والأجانب، بهدف الاستفادة من التجارب والخبرات المحلية والإقليمية والعالمية.